«مانفستو» بن مبارك: سردية للخارج ومكاشفات للداخل رئيس الوزراء اليمني قال لـ«الشرق الأوسط» إن السلام يتضاءل... والكهرباء تستهلك 30 % من الميزانية

لم يعلم الحوثيون أن أمين عام الحوار الوطني اليمني الذي اختطفوه عام 2015 سيشق طريقه سريعاً إلى موقع أصبح يحشد فيه القوى الغربية، ويعمل على تغيير سرديتها للأزمة اليمنية ضمن «مانفستو» أو برنامج عمل يشمل مكاشفات للداخل أيضاً.


لكنهم يعلمون أن هجماتهم في البحر الأحمر بمزاعم نصرة غزة ساعدت الحكومة التي يرأسها الدكتور أحمد عوض بن مبارك على استثمار فرصة لم تكن ماثلة منذ بداية الأزمة اليمنية، التي بدأت بانقلاب 21 سبتمبر (أيلول) 2014 وتستمر حتى اليوم.

في يوم الخميس 16 مايو (أيار) 2024، كان الطقس اللندني على غير عادته، مشمساً ودافئاً. أتيحت الفرصة للقاء رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك بمقر السفارة اليمنية التي تقع في زاوية تقاطع «كرومول روود» مع «كوينز غيت» غرب العاصمة البريطانية.

تجاوز اللقاء 20 دقيقة، لكنه كان بمثابة شرح لـ«مانفستو» أو برنامج عمل الحكومة داخلياً وخارجياً، وأجاب عن أسئلة عديدة تتعلق بالسلم ومستجدات سياسية؛ أبرزها زيارته إلى بريطانيا، وتعاطي الولايات المتحدة مع هجمات البحر الأحمر، إلى جانب تحديات الكهرباء والخدمات وانتقادات النزول الميداني المكثف.

*تضاؤل السلام*
يعتقد كثير من الراسخين في فهم الأزمة اليمنية أن العمليات الحوثية في البحر الأحمر غربلت فرص السلام، رغم أن الجماعة تقول، وعلى لسان مسؤوليها، إن الأمرين منفصلان.

الرواية الرسمية الأممية تتحدث عن أنها عرقلت تحركات المبعوث هانس غروندبرغ الذي تلقى بدوره انتقادات ضمنية من وزير الخارجية اليمني الجديد الدكتور شائع الزنداني.

ويرى ماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات، أن الاستجابة السياسية للتطورات في البحر الأحمر أو التصعيد العسكري الحوثي المحتمل والحرب الاقتصادية الحالية، مجموعة من التحديات الحالية التي ستتعامل معها حكومة بن مبارك، بالإضافة إلى العبء التقليدي، وهو وجود 8 أعضاء مجلس فوق رئيس حكومة واحد.

لذا، كان مهماً سؤال رئيس الوزراء اليمني: هل ما زال السلام قائماً في ظل التصعيد الحوثي؟ «بالنسبة إلينا سيبقى السلام خياراً استراتيجياً»، يعلل بن مبارك ذلك بأنه مع التصعيد الحوثي الأخير «أصبحت فرص السلام تتضاءل، نتيجة تصرفات الحوثيين وانحيازهم للبعد الآيديولوجي مقابل المصالح البراغماتية التي كان من الممكن أن يحققوها لو انصاعوا للحلول المطروحة على الطاولة»

«أصبح العالم ينظر بريبة شديدة للدور الذي من الممكن أن يلعبه الحوثيون في أي صيغة سلام مقبلة»، ويعتقد رئيس الوزراء أن هذا الأمر بالتحديد «بدأ يشغل بال المجتمع الدولي بشكل كبير، خاصة في ظل استخدام الحوثيين القدرات والعلاقات الوطيدة بينهم وبين إيران»، مما جعل السلام يتعقد أكثر فأكثر.

ويرى رئيس الحكومة اليمنية ضرورة مراجعة ربط السلام مع عمليات البحر الأحمر. وعند سؤاله عن شرط واشنطن على الحوثيين وقف الهجمات البحرية لإكمال العملية السلمية قال: «تعاني الحكومة اليمنية من الدفع بصيغٍ عنوانها السلام لكنَّها تقود إلى مزيدٍ من الصراع، وتعمل على إطالة أمد الصراع بمستويات وأشكال مختلفة... في مراجعاتنا مع المجتمع الدولي كنَّا دائماً نؤكِّد - وأنتَ تعلمُ كم ضُغط علينا باتجاه الذهاب إلى ستوكهولم وأعلنت هناك اتفاقية سلام لم تصمد لساعات - ونحن في كلّ الصيغ الجديدة سواء هدنة أو ما بعدها أو الآن خارطة طريق، يهمنا أنْ يدعم المجتمع الدولي خطة سلامٍ حقيقي تقود إلى خطة سلامٍ مستدامٍ، وتقود إلى عدم تسليم اليمن بشكلٍ أو بآخر إلى أحضان حركةٍ مثل الحوثي تخدم أجندة إيران، وهذا سيكون وبالاً ليس على اليمنيين فقط - وسيرفضهم اليمنيون - لكن كذلك على المنطقة والعالم».

ومضى يتساءل: «هل سيعود الحوثيون حركة عادية إذا ما توقفوا اليوم عن عملياتهم في البحر الأحمر ويمكن التعاطي معهم؟ ثم قال إن «تصرفات الحوثيين خلال الأشهر الماضية أظهرت توجهاً آيديولوجياً واضحاً، وارتباطاً وثيقاً بالأجندة الإيرانية التي أوضحت أنَّهم يشكلون تهديداً كبيراً... لذلك لا يهمنا كيف يدعم الأميركيون أو لا يدعمون أيَّ صياغة مقبلة، بقدر ما يهمنا أن يتم دعم ما هو مستدامٌ، ويساعد اليمنيين على الوصول إلى صيغة يمكن من خلالها أن يتعايشوا، وأن يتعاطوا مع قضاياهم بطريقة أكثر ديمومة».

*الحوثيون وغزة*
لا يرى رئيس الوزراء اليمني أن الحوثيين يمتلكون قاعدة أو أساساً أخلاقياً للادعاء بنصرة غزة؟


لم يعلم الحوثيون أن أمين عام الحوار الوطني اليمني الذي اختطفوه عام 2015 سيشق طريقه سريعاً إلى موقع أصبح يحشد فيه القوى الغربية، ويعمل على تغيير سرديتها للأزمة اليمنية ضمن «مانفستو» أو برنامج عمل يشمل مكاشفات للداخل أيضاً.


لكنهم يعلمون أن هجماتهم في البحر الأحمر بمزاعم نصرة غزة ساعدت الحكومة التي يرأسها الدكتور أحمد عوض بن مبارك على استثمار فرصة لم تكن ماثلة منذ بداية الأزمة اليمنية، التي بدأت بانقلاب 21 سبتمبر (أيلول) 2014 وتستمر حتى اليوم.

في يوم الخميس 16 مايو (أيار) 2024، كان الطقس اللندني على غير عادته، مشمساً ودافئاً. أتيحت الفرصة للقاء رئيس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك بمقر السفارة اليمنية التي تقع في زاوية تقاطع «كرومول روود» مع «كوينز غيت» غرب العاصمة البريطانية.

تجاوز اللقاء 20 دقيقة، لكنه كان بمثابة شرح لـ«مانفستو» أو برنامج عمل الحكومة داخلياً وخارجياً، وأجاب عن أسئلة عديدة تتعلق بالسلم ومستجدات سياسية؛ أبرزها زيارته إلى بريطانيا، وتعاطي الولايات المتحدة مع هجمات البحر الأحمر، إلى جانب تحديات الكهرباء والخدمات وانتقادات النزول الميداني المكثف.

*تضاؤل السلام*
يعتقد كثير من الراسخين في فهم الأزمة اليمنية أن العمليات الحوثية في البحر الأحمر غربلت فرص السلام، رغم أن الجماعة تقول، وعلى لسان مسؤوليها، إن الأمرين منفصلان.

الرواية الرسمية الأممية تتحدث عن أنها عرقلت تحركات المبعوث هانس غروندبرغ الذي تلقى بدوره انتقادات ضمنية من وزير الخارجية اليمني الجديد الدكتور شائع الزنداني.

ويرى ماجد المذحجي، رئيس مركز صنعاء للدراسات، أن الاستجابة السياسية للتطورات في البحر الأحمر أو التصعيد العسكري الحوثي المحتمل والحرب الاقتصادية الحالية، مجموعة من التحديات الحالية التي ستتعامل معها حكومة بن مبارك، بالإضافة إلى العبء التقليدي، وهو وجود 8 أعضاء مجلس فوق رئيس حكومة واحد.

لذا، كان مهماً سؤال رئيس الوزراء اليمني: هل ما زال السلام قائماً في ظل التصعيد الحوثي؟ «بالنسبة إلينا سيبقى السلام خياراً استراتيجياً»، يعلل بن مبارك ذلك بأنه مع التصعيد الحوثي الأخير «أصبحت فرص السلام تتضاءل، نتيجة تصرفات الحوثيين وانحيازهم للبعد الآيديولوجي مقابل المصالح البراغماتية التي كان من الممكن أن يحققوها لو انصاعوا للحلول المطروحة على الطاولة».

«أصبح العالم ينظر بريبة شديدة للدور الذي من الممكن أن يلعبه الحوثيون في أي صيغة سلام مقبلة»، ويعتقد رئيس الوزراء أن هذا الأمر بالتحديد «بدأ يشغل بال المجتمع الدولي بشكل كبير، خاصة في ظل استخدام الحوثيين القدرات والعلاقات الوطيدة بينهم وبين إيران»، مما جعل السلام يتعقد أكثر فأكثر.

ويرى رئيس الحكومة اليمنية ضرورة مراجعة ربط السلام مع عمليات البحر الأحمر. وعند سؤاله عن شرط واشنطن على الحوثيين وقف الهجمات البحرية لإكمال العملية السلمية قال: «تعاني الحكومة اليمنية من الدفع بصيغٍ عنوانها السلام لكنَّها تقود إلى مزيدٍ من الصراع، وتعمل على إطالة أمد الصراع بمستويات وأشكال مختلفة... في مراجعاتنا مع المجتمع الدولي كنَّا دائماً نؤكِّد - وأنتَ تعلمُ كم ضُغط علينا باتجاه الذهاب إلى ستوكهولم وأعلنت هناك اتفاقية سلام لم تصمد لساعات - ونحن في كلّ الصيغ الجديدة سواء هدنة أو ما بعدها أو الآن خارطة طريق، يهمنا أنْ يدعم المجتمع الدولي خطة سلامٍ حقيقي تقود إلى خطة سلامٍ مستدامٍ، وتقود إلى عدم تسليم اليمن بشكلٍ أو بآخر إلى أحضان حركةٍ مثل الحوثي تخدم أجندة إيران، وهذا سيكون وبالاً ليس على اليمنيين فقط - وسيرفضهم اليمنيون - لكن كذلك على المنطقة والعالم».

ومضى يتساءل: «هل سيعود الحوثيون حركة عادية إذا ما توقفوا اليوم عن عملياتهم في البحر الأحمر ويمكن التعاطي معهم؟ ثم قال إن «تصرفات الحوثيين خلال الأشهر الماضية أظهرت توجهاً آيديولوجياً واضحاً، وارتباطاً وثيقاً بالأجندة الإيرانية التي أوضحت أنَّهم يشكلون تهديداً كبيراً... لذلك لا يهمنا كيف يدعم الأميركيون أو لا يدعمون أيَّ صياغة مقبلة، بقدر ما يهمنا أن يتم دعم ما هو مستدامٌ، ويساعد اليمنيين على الوصول إلى صيغة يمكن من خلالها أن يتعايشوا، وأن يتعاطوا مع قضاياهم بطريقة أكثر ديمومة».

*الحوثيون وغزة*

لا يرى رئيس الوزراء اليمني أن الحوثيين يمتلكون قاعدة أو أساساً أخلاقياً للادعاء بنصرة غزة؟

ويقول بن مبارك: «من يفجر البيوت على رؤوس ساكنيها... والمساجد والمدارس... من يحاصر مدناً كاملة كما يحصل في تعز منذ أكثر من عشر سنوات، من يقنص الأطفال وهم ذاهبون للمدارس والنساء وهم ذاهبات لآبار المياه، لا يمتلك أساساً أخلاقياً للادعاء بأنَّه ينتصر لقضية عادلة مثل قضية أهلنا في فلسطين.

وأضاف رئيس الوزراء: «بالتأكيد ما يقوم به الحوثي جزء من أجندة تستخدم فيها إيران وكلاءها في المنطقة، والحوثيون إحدى هذه الأدوات».

*«التحور» الغربي*

تغيرت سردية الحرب كثيراً، يقول رئيس الوزراء: «كثير مما كنا نقوله وننبه إليه أصبح الآن (الغربيون) هم الذين يذكروننا به. وكثير من السرديات التي قامت عليها حتى الحلول الأخيرة سقط. تعلم أن الحوثي لا يمكن أن يأتي للسلام إلا من خلال محفزات اقتصادية، الحديث أنه ليس هناك تأثير كبير لإيران على الحوثيين. الحديث أن الحوثي لا يمثل إلا إشكالاً داخلياً في اليمن، ولا يشكل خطراً على المستوى الإقليمي، الحديث أن الحوثيين لا يمكن أن يشكلوا خطراً على المصالح الغربية بشكل مباشر، كل هذه القضايا سقطت، الآن أصبح الغرب هو من يذكرنا بهذه القضايا».

ويرى بن مبارك أن هذا التحور الغربي من المهم أن يقود إلى «تحول استراتيجي في طبيعة النظر إلى الحوثيين، ليس فقط (بوصفهم) طرفاً عسكرياً أو اجتماعياً، لكنهم يمثلون تهديداً آيديولوجياً، وطبيعة هذه الآيديولوجيا وتأثيرها ليس على اليمن وحسب، وإنما المنطقة والعالم»، مضيفاً: «أعتقد أن التطورات التي حصلت ستساعد بشكل كبير جداً على تغيير هذه السردية».

*استثمار هجمات البحر الأحمر*

هناك طريقان للتعامل مع هجمات الحوثيين. الأولى تذكير الغربيين بأنه تم تحذيرهم سابقاً ولم يستجيبوا، وبذلك فهي مشكلتهم الآن. والثانية استثمار الموقف بطريقة بنائية. وبسؤال رئيس الوزراء اليمني: «أي الطريقين قد تسلك الحكومة؟». أجاب: «مهم بالطريقين. ويعلل ذلك بأن الشرعية لو أرادت بناء سردية جديدة «فلا بد من دحض السرديات السابقة التي قام وظل عليها كثير من الحلول الترقيعية خلال الفترة الماضية».

«أتفق بأنه لا يكفي بأن تذكر بخطأ السرديات دون أن توجد سردية مقابلة، وهذا ما نقوم به الآن»، يقول رئيس الوزراء: «رغم كل التفاصيل ما زلنا نطرح قضية العمل بالطريقة الدبلوماسية بشكل كبير، لكن يجب كذلك أن يتم دعم الحكومة اليمنية بشكل مباشر، فالقبول بالسماح لقوات خارج الدولة مثل الحوثيين بالسيطرة على الحدود والمياه الإقليمية اليمنية كان أحد الأخطاء الاستراتيجية، وبالتالي البديل هو دعم الحكومة اليمنية بخفر سواحلها، بقواتها، بامتلاك أدوات تمكنها من الدفاع عن المياه الإقليمية».

ويعتقد بن مبارك أن وجود الحكومة اليمنية على الأرض وزيادة وتمكينها من أدواتها السيادية وممارسة أعمال السيادة على أرضها «إحدى القضايا المهمة التي نعمل عليها، لذلك، رفع مستوى التعاون مع الدول الغربية على هذا الأساس بعد تصحيح هذه السرديات يعد من القضايا المهمة، والاستراتيجية أيضاً بالنسبة لنا».

*زيارة بريطانيا*

أعلنت المملكة المتحدة رفع نسبة المساعدات لليمن هذا العام 56 في المائة، ووجهت الحكومة البريطانية دعوة رسمية لرئيس الوزراء اليمني للقاء مسؤولين.

وأفاد رئيس الحكومة اليمنية بأنها جاءت «لمناقشة العديد من القضايا الثنائية، ومسائل أخرى منها البحر الأحمر الذي يعد من الملفات الساخنة هذه الأيام، بالإضافة إلى نية المملكة المتحدة رفع المساعدات المخصصة لليمن، خاصة من الجانب الإنساني، وحرصنا على أن يكون هناك موازنة بين ما يُقدم من مساعدات في اليمن إنسانياً، مع الجوانب التنموية المهمة، وفتح آفاق التعاون الثنائي خاصة في المجال الاستثماري، في قطاعات مثل الطاقة أو النفط مع الحكومة البريطانية».

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص