في حديثه لبرنامج "فضاء حر" حول حشد السبعين

معن دماج: الحديث عن الجمهورية الهدف منه استقطاب الفئات المحبطة

أعد المادة للنشر: نهى سعيد


قال استاذ الفلسفة بجامعة صنعاء والكاتب والناشط السياسي معن دماج, أن ربط البعض بين فعالية حزب المخلوع التي اقيمت الخميس الماضي في ميدان السبعين بصنعاء, وبين شعارات إستعادة الجمهورية, مجرد أوهام, فهذه الشعارات ليس لها علاقة بما حدث أو حتى بما يحدث في البلاد.
وأوضح دماج أثناء استضافته في برنامج فضاء حر بمعية الكاتب بشير عثمان, وهو البرنامج الذي بثته قناة بلقيس مساء الجمعة الماضية, ان شعارات الجمهورية مجرد كلمات تساعد في تعمية الناس والشعب عن طبيعة الصراع وحقيقته, وتكريس هذه التعمية من خلال جهاز دعائي مرتبط بصالح وبعض القوى الاقليمية أو بالمؤتمر الشعبي العام. 
وكان دماج قد بدأ حديثه بالقول أنه يجب التمييز بين مسألتين هامتين لفهم حشد السبعين, الأولى "هدف علي صالح مع المؤتمر الشعبي العام الذي يهدف أولا إلى فصل قطاعات شعبية تنتمي لقاعدته الاجتماعية كانت قد التحقت وتوائمت مع الحركة الحوثية واعادتها لحوزته, وهدف آخر يكمن في توجيه رسالة للقوى اﻹقليمية والدولية بأنه مازال اﻷقوى شعبيا على اﻷقل في المنطقة الشمالية التي تخضع لسيطرة التحالف الرجعي الحوثي الصالحي وانه من يملك اﻷمر ويمكن التفاهم معه". 

وتابع "وبين مسألة أخرى وهي الأوهام التي علقها البعض ومحاولة ربطها بشعارات جمهورية ليس لها علاقة بما حدث أو حتى بما يحدث في البلاد لانها مجرد كلمات تساعد في تعمية الناس والشعب والمجتمع عن طبيعة الصراع وحقيقته ومحاولة تكريسها من خلال جهاز دعائي مرتبط بصالح وبعض القوى اﻹقليمية أو بالمؤتمر الشعبي العام".
وأشار إلى أن هذا العمل الذي أضطلع بجزء كبير منه بعض المثقفين, "حاول أن يضفي على الصراع شعارات بهدف استقطاب فئات أخرى من المحبطين جراء عدم تطور الحركة الثورية الفبرايرية, وايضا بسبب نتائج الصراع المسلح الذي دشنته الحركة الحوثية, منذ سبتمبر 2014. وايضا بسبب أداء الحكومة الشرعية وأداء التحالف الذي كان سببا في استقطاب هذا الجمهور".
ولفت الى أن علي صالح, كان يعجز عن جمع مثل هذا الحشد "حينما كان في ذروة تمسكه بالسلطة اثناء ثورة فبراير وما قبلها والسبب في ذلك أن قطاعات شعبية أنخرطت في الحشد" وهي قطاعات عاشت مشاعر اليأس والاحباط خلال الفترة الماضية واصبحت تحن الى الماضي فعادت وألتحمت بنظام صالح بسبب الاحباطات الثورية.
إما السبب في أن جزء من النخب والمثقفين والكتاب الذين كانوا خارج دائرة علي صالح قبلا وأصبحوا مؤيدين له خلال الفترة اﻷخيرة, أوضح دماج, ان هذا ايضا يعود "بسبب اﻹحباط الموجود عند هذه الفئات التي تحن الى ما قبل 2011، فهي فئات تنتمي للطبقة الوسطى التي تضررت مصالحها فهي تستطيع العيش سواء في وجود صالح أو الحوثي ... فالثورة بالنسبة لهذه الفئة ليست مسألة حياة أو موت لكنها مجرد فرص، كما ألتحق الكثيرين بالساحات لما رأوا فيها فرصة أكبر للبروز والظهور ولتحقيق أهدافهم".
وعن فكرة الترويج لاستعادة الدولة والجمهورية من خلال صالح أشار معن إلى أنه "يجب الحديث أولا عن الدولة وطبيعتها وعدم سوق الناس إلى الطغيان من خلال مصطلح الدولة واللادولة" مضيفا بالقول: "مصطلح دولة يطلق على كل دولة تحوي نظام يحكمها .. لكن الثورات العربية أتت ضد الدول التي تعكس مصالح إجتماعيةللأشخاص الذين يحمون هذه الدولة .. يكفي معرفة أن اﻷسر البرجوازية في اليمن كلها تقف ضد الثورة علنيا أو أقل علنية لما تقتضيه مصالحهم معها".
وتابع بالقول: "إذا المسألة ليست حول هذه اﻷفكار والصراع ليس له علاقة بالجمهورية أو الشرعية ... فالصراع صراع إجتماعي وصراع ثورة وصراع ملايين اليمنيين الذين لا يجدون فرص عمل ولا يجدون إمكانية للتداوي ويعيشون ظروف إجتماعية بائسة ويتعرضون للتمييز على أساس جهوي وطائفي ومناطقي وزادها الحوثي بشاعة بنزعته السلالية والرجعية التي تنتمي للعصور الوسطى".
وفي تعليقه على طبيعة الصراع بين تحالف الحوثي وصالح قال أن "هناك صراع بين علي صالح والحوثي - وهذا طبيعي -؛ ﻷن صالح كان يعتقد منذ البداية أنه سيستخدم الحوثي كمخلب القط للإنتقام من ابعاده عن السلطة لكن التحالف تدخل وأفسد هذا المخطط" لافتا الى ان الحوثي أصبح يستقوي بعمق اجتماعي عصبوي ودعم سخي من حلف دولي توفرت له عبر ثورة الملالي من إيران".
وقال أن ظاهرة الحنين الى الماضي تأتي الاساس, بسبب "فشل ثورتي 26 سبتمبر أو 14 أكتوبر في تجاوز تركة الأمامة أو اﻷنظمة السلطانية والقبل وطنية في الجنوب ... وغيره فأي فشل في نظام معين يعتقد الناس أن العودة إلى الماضي هو الحل .. وبالنسبة إلى البعض أصبح الماضي لهم هو ماقبل 11 فبراير".
وأضاف "بأن علي صالح هو جزء من نظام قديم ثار عليه الشعب في 2011 ولم يستطع الدفاع عن نفسه، إذا لم استطاع اليوم أن يحشد هذا العدد؟
ذلك بسبب فشل القوى السياسية التي تصدرت الثورة واخفاقها وميولها إلى المساومات وأدائها التعيس في حكومة الوفاق الوطني، وبسبب الخطابات الطائفية التي أستعدت بعض القبائل الشمالية الزيدية والخطاب غير الوطني الذي وجدوه الناس في عدة مستويات وهذا ما دفع شرائح من الناس للحياد أو العودة لمناصرة علي صالح".
وتابع بقوله: "اذا من الطبيعي أن يكون هذا الحشد حيث يوجد شعب متوفر وخاضع لهيمنة أيدولوجية من قبل الطغاة، فمثلا كل اﻷنظمة الفاشية كانت تحظى بجماهير مثل نظام هتلر إلى نظام القذافي ... لكن المسألة تكمن في طبيعة المصالح التابعة لهذا الشعب، الطبيعة السياسية، فغالبية الشعب ليست لها مصلحة من هذا النظام، ومن الوهم والخطأ أيضا أن يتم تصوير أن هذا الطاغية قد يكون جزء من الحل أو التسويق أنه يمكن أن يكون أقل سوء من الحوثي، فالمسألة في طبيعة النظام اﻹجتماعي وليست في الشعارات، فصالح ينتمي لنظام دولة سلطانية من العصور الوسطى, سيطر وأفسد المجتمع وهو يحكم بهذه الطريقة".
وبالنسبة لحزب المؤتمر الشعبي, فقال أنه "مجرد ذراع للسلطة حتى أن جماهير المؤتمر لم ترفع أي مطالب شعبية تتعلق بالحياة أو بالصحة أو الخبز بل أن كل الشعارات كانت تتعلق بهواجس علي صالح اﻷمنية". مضيفا "إذا بالنسبة لجماهير علي صالح, جزء كبير من هذه الجماهير شعبية فقيرة لديها مصلحة موضوعية في تجاوز نظام علي صالح ومصلحة موضوعية انتصار ثورة فبراير لكنها لم تجد التأطير السياسي القادر على اقناعها بذلك.. اما فكرة أن الجماهير تنتمي لهذا الحزب فهذا يندرج تحت فكرة العشائرية التي تعشعش في أذهان البعض".
"أما عن القول في أن من كانوا في حشد السبعين هم باﻷصل كانوا في في ساحات الثورة قبلا فلعل ذلك يشير إلى أن السبب يكمن في من تصدروا قيادة الثورة وهذا لا يعني أن علينا العودة لما قبل الثورة أو لتأييد صالح والعيش في ظل ما كنا نرفضه قبل الثورة. لذا فبؤس أداء الحكومة الشرعية لا علاقة لها بما يتم التسويق له من تسوية مع علي صالح أو الحوثي أو ان فكرة علي صالح أفضل، فجزء من هذا البؤس أن هذه النخب شركاء لعلي صالح والجزء اﻷهم أن الشرعية لا تعبر عن ثورة فبراير".
وعن ثورة فبراير قال بأنها "مسألة تتعلق بالحراك الشعبي الذي أسقط النظام السابق وبالمطالب الجماهيرية التي تتعلق بالحريات اﻷساسية وبالخبز والعمل والكرامة والمساواة وانهاء التمييز ... هذا بالنسبة للشعب 
وبالنسبة لليمن هو سقوط هيمنة منطقة من البلد واستيلائها على السلطة وتحويل بقية مناطق البلاد إلى مناطق محكومة".
لافتا الى أن "اﻷمر اﻹيجابي في اليمن نلاحظ أنه لم يكن الخضوع بشكل كامل للحوثي وصالح -حتى قبل تدخل السعودية- كانت بؤر المقاومة قد تشكلت فشاهدنا العميد عدنان الحمادي في تعز قد قاد مجموعة من الضباط العسكريين نحو التمرد من داخل المؤسسة العسكرية، والتكلم عن المجتمع المدني في تعز الذي ما عرف السلاح مطلقا وأستطاع بذلك أن يكسر عنجهية علي صالح والحرس الجمهوري والوحدات الخاصة التي دربتها إيران وحزب الله التابعة للحوثي ورأينا أيضا المقاومة الباسلة في البيضاء وفي كل مكان".
وأختتم حديثه بالقول أن "ما أعاق المقاومة الشعبية أن تتحول لحل كامل هي اﻷحزاب للأسف مثلما هيمنت على ساحات الثورة من قبل فجعلتها كسيحة ولم تعطها اﻷفق السياسي ولا اﻹستقلالية التنظيمية ولا الفكرية".

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص