مؤسسة بيسمنت الثقافية تقيم مناظرة للنشء تحت عنوان "الشهادة الجامعية معيار أساسي في تحديد الكفاءة مع أو ضد"

  أقيمت يوم السبت 17 مارس 2018 في مؤسسة بيسمنت الثقافية ضمن نشاط (فضاءات) مناظرة بعنوان: (هل الشهادة الجامعية معيار للكفاءة؟).حيث يعتبر نشاط فضاءات هو أحد برامج مؤسسة بيسمنت الثقافية، يتم فيه تدريب وتأهيل فئات مختلفة من المجتمع على تقديم المناظرات، وتدريب المشاركين على المواضيع التي يرغبون في التحدث عنها، ثم تقديم مناظرة جماهيرية يشارك فيها فريقان يدافع كل منهما عن موقفه من القضية. كما يكتب صحفيون وباحثون وناشطون مقالات تؤيد أو تعارض القضية المطروحة، ويقدم صناع أفلام أو إعلاميون عملاً مصوراً يوضح للجمهور موضوع المناظرة بطريقة فنية. شارك في المناظرة فريقان من النشء تترواح أعمارهم بين (15 – 20 عاماً)، تم اختيارهم عن طريق التسجيل في استمارة المشاركة التي نشرتها مؤسسة بيسمنت على صفحتها في وقت سابق، وتم تدريب 18 مشاركاً على مهارات المناظرة في دورة تدريبية خاصة، ثم اختيار ستة مشاركين ليقدموا هذه المناظرة. شارك في الفريق المؤيد للأطروحة: عبدالله العصري وهو طالب ثانوية وعضو ومؤسس في عدة مبادرات منها مبادرة (معاً لنتعايش)، ووعد الدهمشي الطالبة في الصف الثاني الثانوي وعضو اتحاد أطفال اليمن وعضو في مشروع الوزراء الصغار التابع للمدرسة الديمقراطية، وعبد الرحمن العسيلي الذي يبلغ 15 عاماً وهو ناشط في مجال المناظرات المدرسية. ومن الفريق المعارض شارك: رغد الدهمشي عمرها 15 عاماً وهي عضو في اتحاد أطفال اليمن وعضو في جماعة الصحافة والإعلام في مدرستها، ومازن جلال في الصف الثاني الثانوي وقد شارك في عدة مناظرات مدرسية، ومنال الخميسي الطالبة في سنة أولى- قسم المختبرات. في بداية المناظرة تم عرض فيديو تناول موضوع المناظرة، وعرض جانبيها المختلفين قدمه اليوتيوبر مازن السقاف، كما اطلع الجمهور على مقالين كتبهما اثنين من النشء أيضاً، تناول كل منهما موقفاً مختلفاً من الأطروحة. بعد عرض الفيديو بدأ الفريق المؤيد لأهمية الشهادة الجامعية الجولة الأولى من المناظرة بشرح الموقف الذي يتبناه والأسس التي تقوم عليها حجته، تحدث عنهم عبدالله العصري الذي أجاب على سؤال: هل الدراسة الجامعية معيار مهم لتحديد الكفاءات؟ بعد إنتهاء التعليم الثانوي يكون أمام الطالب طريقان كما يقول عبدالله، الدراسة الجامعية أو العمل، والدراسة الجامعية هي الباب الرئيسي للحصول على الخبرة الحقيقية، فبدون شهادة جامعية لن تحصل على وظيفة بسهولة، كما أنها تضمن الحصول على ترقيات وامتيازات لا يحصل عليها العامل بالخبرة. وذكر عبدالله أمثلة لعلماء أنهوا دراستهم الجامعية وأصبحت نظرياتهم تدرس في الجامعات، ومن المستحيل أن تجد عالماً بلا شهادة عليا، كما أن الأمثلة التي تضرب لشخصيات حققت النجاح والثروة وقف إلى جوارهم في الغالب مساعدون يمتلكون شهادات جامعية. ختم عبدالله حديثه بتأكيد أهمية الدراسة الجامعية رغم صعوبتها، فهي التي تفتح أبواب النجاح، وهي بداية لطريق الطموح الذي لا ينتهي ولا يصل إلى مستوى محدد ويتوقف كما يحدث عند الاكتفاء بالخبرة. من الفريق المعارض لأهمية الشهادة الجامعية ذكرت رغد الدهمشي شخصيات عالمية ناجحة لم تحصل على شهادة جامعية، ومخترعين وعلماء تدرس أعمالهم في الجامعات. وتناولت رغد الجانب الثقافي الذي تقف الجامعة عائقاً في طريقه، فالدراسة الجامعية بآليتها التقليدية المقولبة تشغل الطالب عن الاطلاع وعن ممارسة هواياته بحيث يظل مشغولاً بإنجاز واجباته الأكاديمية، وقد لا يستطيع خريج جامعة الإجابة عن أسئلة خارج مجال تخصصه. أما الذي تحرروا من هذا القيد فهم يتميزون بثقافتهم العالية، واطلاعهم على الكثير من المجالات. ولفتت رغد النظر إلى توفر المواد الجامعية بكثرة على شبكة الإنترنت، بحيث يمكن الحصول على دروس مجانية دون الالتحاق بنظام الدراسة الأكاديمية الرسمية، وقد أسس هذه المواقع أساتذة جامعيون أدركوا أن العلم يجب أن يكون متاحاً بطرق كثيرة وليس عن طريق الدراسة النظامية فقط. في نهاية حديثها أكدت رغد أن ليس كل دارس متعلم وليس كل متعلم دارس، وذكرت أسماء مبدعين وعلماء وكتاب وفنانين أبدعوا وقدموا الكثير للبشرية دون أن يحملوا شهادات جامعية. في الجولة الثانية من المناظرة فندت وعد الدهمشي من الفريق المؤيد الحجج التي ذكرها الفريق المعارض، وأكدت أن الجامعة عامل أساسي لتنمية قدرات ومواهب الشخص، ولا تتعارض مع هوايات الطالب ورغبته في الاطلاع وخوض مجالات أخرى. وتناولت الجانب الاقتصادي للدراسة الجامعية، فنسبة البطالة في الدول التي تهتم بالدراسة الجامعية أقل بكثير من تلك التي يملؤها عاطلون بلا شهادات. كما أن قصص الأثرياء التي ترد دائماً عند الحديث عن عدم أهمية الشهادة الجامعية هي حالات خاصة، فالشهادة الجامعية توفر وظيفة رسمية تحقق أماناً اقتصادياً وصحياً واجتماعياً للموظف مدى الحياة، فهو يعمل لصالح الدولة وليس لصالح شخص محدد. من الفريق المعارض صحح مازن جلال بعض المعلومات التي أوردها الفريق الآخر، وذكر أسماء شخصيات حققت نجاحاً عالمياً دون الحاجة إلى شهادة، كستيف جوبز وبيل جيتس. وتحدث مازن عن الدراسة الجامعية في هذه الظروف التي تمر بها اليمن، وتساءل: كيف نطالب الطالب بتحمل تكاليف الدراسة الجامعية وهو لا يجد لقمة عيشه؟ وتساءل أيضاً: إن كانت الدراسة الجامعية في اليمن تقدم المعلومات والمهارات التي يحتاجها سوق العمل؟ وإن كانت كذلك فلماذا يطالب أصحاب الأعمال بالخبرة قبل الشهادة؟ تم فتح المجال لمداخلات الجمهور، وتحدث في البداية الأستاذ نبيل غالب خبير التنمية البشرية عن الأساسيات التي يجب اتباعها عند التحدث عن الخبرة أو الكفاءة، وفهم هذه المصطلحات ومستوياتها المختلفة عبر جدولتها بطرق منهجية ومقاييس أداء. وذكر أن المنهج التعليمي لا ينمي القدرات، ففي اليمن لا يتم توظيف القدرات بشكل صحيح بمناهج علمية، لذلك يعمل الكثيرون في غير تخصصاتهم. عرفان الغشيمي في مداخلة له تحدث عن الشخصيات العالمية التي ذكرت في الحديث عن أمثلة عالمية لقصص نجاح لا تحتاج الشهادة الجامعية، وذكر أن أصحابها لن يقبلوا بتوظيف من لا يحمل الشهادة للعمل لديهم. وتساءل محمد حسان عن أهمية الشهادة الجامعية لفتيات درسن سبع سنوات في الجامعات مثلاً ثم علقت شهاداتهن في المطابخ. الإعلامية أحلام المقالح خريجة علوم حاسوب ولديها مهارات تصميم المواقع والجرافيكس، وتعمل في التسويق والإعلام، تذكر رغم كل هذا أنها حين تتقدم للعمل في مكان ما يكون أول ما يطلب منها الخبرة وليس الشهادة أو المهارات. إحدى المشاركات بينت أن من الخطأ الاعتماد على الخبرة والاطلاع في مجالات كالطب مثلاً، فالخبرة يجب أن تكون إلى جانب الشهادة فهما يكملان بعضهما. في الجولة الثالثة من المناظرة تحدث عبدالرحمن العسيلي من الفريق المؤيد عن عدم وجود تعارض بين الدراسة الجامعية والثقافة العامة فمواد الثقافة العامة تدرس كمتطلبات للدراسة الجامعية. وعن الأمثلة التي أوردها الفريق الآخر لعلماء لم يكملوا دراستهم، فقد حدث هذا لظروف معينة، وقد أنهوا دراستهم بعد ذلك، كتوماس أديسون ومارك زوكربيرغ. في الوقت الحالي توسعت العلوم والمعارف وتعقدت وأصبحت تحتاج إلى دراسة منهجية كما يقول عبدالرحمن، فالكفاءة لا تأتي دون دراسة وعمل شاق. والجامعات ليست كأي مركز تعليمي فهي مدعمة بمعامل وأجهزة تطبيقية عملية، وهي مكان يجرب فيه الإنسان المهنة التي يحب. فالإنسان دون شهادة جامعية لا يستطيع رسم مستقبله. من الفريق المعارض ردت منال الخميسي على حجج الفريق الذي دافع عن الدراسة الجامعية بأمثلة غير دقيقة. وأضافت أن الوظيفة الحكومية لم تعد لها مكانة في مجتمعاتنا، فالتعليم مهم لكن هناك الأهم، وقد تكتفي الكثير من أماكن العمل بشهادة للغة الإنجليزية والكمبيوتر لتمنحك الوظيفة بسهولة، أما الشهادة الجامعية فهي تحتاج إلى خبرة في نفس المجال. فمنطق الخبرة أفضل بكثير من الشهادة كما تؤكد. وتحدثت منال مدعمة كلامها بأمثلة واقعية عن التدريس الجامعي الذي يخضع لمزاج دكاترة الجامعة الذين لا يفتقدون الكفاءة في التعليم فكيف نطالب بشهادة تكون معياراً للكفاءة بعد ذلك؟ فتح الباب لمداخلات الجمهور، حيث وضع أحد المشاركين عدة أسئلة: - هل يستطيع الانسان اكتشاف اللغة بالخبرة أم بالمعرفة؟ - مارك زوكربيرغ الذي يضرب به المثل في عدم دراسة الجامعة، كيف لم يدرس وقد كان الفيسبوك هو مشروع تخرجه؟ - إذا كان يضرب المثل بأديسون ونيوتن في عدم الدراسة، ماذا عن ستيفن هوكينغ وغيره من العلماء حاملي الشهادات العليا؟ المهندس محمود يعقوب أبدى إعجابه بالمشاركين في المناظرة الذين أثبتوا رغم صغر سنهم قدرتهم على النقاش والمحاججة. وتحدث عن أصحاب الأسماء الناجحة الذين كان من أسباب نجاحهم قدرتهم على التفكير والتخطيط وليس امتلاكهم الشهادة الجامعية فقط. فأنت لا تحتاج إلى شهادة لتكون شخصاً مفكراً وناجحاً وهذا هو الفرق بين النجاح والفشل مع خبرة وبدونها، ويجب أن لا تجبرك الشهادة على السير في مسار محدد دون التفكير بالخيارات الواسعة الأخرى. المهندس أكرم فاضل أكد من خلال خبرته الشخصية أن: لا الشهادة الجامعية ولا الخبرة مهمتان هنا بل الوساطة فقط. طبيبة الأسنان إيمان الغميري تحدثت عن الفرق بين الخبرة والكفاءة، فالكفاءة لها معنى أوسع، كما أن الخبرة يجب أن تكون ممنهجة وتمنح فيها شهائد خاصة. وذكرت أن هناك مجالات في كل تخصص تتطلب الخبرة، ومجالات أخرى تتطلب الشهادة فقط. وأكدت أن الشهادة الجامعية ضمان بأن لديك الحد الأدنى من المعرفة. أما عن الثقافة فلست مطالباً بها أثناء دراستك، ويمكنك بعد التخرج أن تخوض في مجالاتها المختلفة كما تريد. في المرحلة الأخيرة من المناظرة وهي مرحلة خطاب الرد تحدثت رغد من الفريق المعارض لأهمية الشهادة، وعرضت ملخصاً للحجج التي أوردها فريقها وردود الفريق الآخر التي ردت عليها بدورها، وبينت بعض المعلومات غير الدقيقة والتناقضات التي وقع فيها الفريق المؤيد لأهمية الشهادة. أكمل مازن الحديث عن مقياس النجاح الذي لا يعتمد على الشهادة فقط فالطالب الناجح يطور قدراته ومهاراته خارج إطار الجامعة. وذكرت منال إحصائية عن المليارديرات الذين لم يحصلوا على شهادة، وأضافت أن الدراسة الجامعية تحتاج إلى ميزانية خاصة ليتمكن الطالب من الدراسة. ومن الفريق المؤيد أشار عبدالله إلى حجج الفريق المعارض التي تبدو وكأنها ترى الغرض الأساسي من الشهادة هو تجميع الثروة وليس الإنجاز. وعن الدراسة عبر الإنترنت قال عبدالله أنك تصل إلى مرحلة معينة لا تستطيع تجاوزها إلا بالدراسة الأكاديمية، فالدراسة غير النظامية لا تقدم كل شيء. كما أن الدراسة الجامعية توفر للدارس منحاً يمكن أن تجنبه تكاليف الدراسة الجامعية، وهذا يعتمد على طموحه ورغبته. ووجه عبدالله سؤالاً لمنال التي تدرس المختبرات: لماذا تدرسين الجامعة وتقفين ضدها في المناظرة؟ أجابت منال أن الشكل الاجتماعي وتحقيق رغبة الأهل قد تكون أسباب دراستها هذا المجال، في الوقت الذي تؤهل فيه نفسها في مجال الإعلام الذي لا يتطلب شهادة جامعية، وأكدت أن الكثير من الطلاب الجامعيين يدرسون تخصصات لا يحبونها، وأيدها الجمهور في ذلك. اعترض عبدالرحمن على هذه الفكرة مؤكداً أن هذا ربما يحدث في اليمن فقط، ونحن نتحدث عن قضية عامة، ففي اليمن لا يستطيع الطالب أو الطالبة الاعتراض على رغبة الأهل. وأكدت وعد هذه الحقيقة. في نهاية مراحل المناظرة شارك الجمهور بمداخلاته للمرة الأخيرة حيث تحدث أحد المشاركين عن دور الخريجين في بناء اليمن، فخمسة خريجين فقط في الستينات والسبعينات تولوا مناصب قيادية ساهمت في دفع عجلة التنمية والنهضة في اليمن. الفنان التشكيلي وليد الزبيدي الذي يحمل شهادة بكالوريوس في إدارة الأعمال ذكر أن هناك تخصصات تحتاج إلى دراسة كالطب والجراحة مثلا ، وتخصصات أخرى لا تحتاج إليها. طبيبة الأسنان هيفاء أحمد أكدت أن الشهادة الجامعية أساسية، ويجب أن تكون الخبرة مبنية على أسس علمية لا أخذاً عن الآخرين بالنظر والاستماع. وتحدث شهاب جمال عن الأساتذة الجامعيين في اليمن الذين لا يملكون الكفاءة الكافية للتدريس وتقديم المعلومة الصحيحة، وليس لديهم أدنى قدر من الثقافة، وهذا يضع علامات استفهام حول المستوى العلمي والعملي الذي يقدمونه. الإعلامية حنان حسان بينت الفرق بين الخبرة والتطبيق، وأكدت أن الشهادة هي فقط للاتكاء عليها، أما الخبرة فهي التي تمنح المرء شخصيته على أرض الواقع، والشهادة بلا تطبيق لا تنفع. الأستاذ نبيل غالب تحدث مرة أخرى عن السلم التعليمي الحديث الذي يجب أن يؤخذ به في النظام التعليمي في اليمن، فهو يرشد الطالب بطرق علمية منهجية إلى اختيار تخصصه وتحدد مساره نحو المجال الذي يحب. في النهاية تحدثت شيماء جمال المدير التنفيذي لمؤسسة بيسمنت عن نشاط فضاءات، الذي يوفر منصة حرة للتعبير واحترام الرأي الآخر وبناء الحجج على المنطق ونشر ثقافة الحوار والتناظر، وقد اختارت المؤسسة هذه المرة فئة النشء لتشجيعهم على التعبير عن آرائهم في مساحة آمنة توفرها لهم المؤسسة كأحد أهدافها. تم التصويت من قبل الجمهور على الرأي الذي اقتنعوا به في المناظرة، فكان الفوز من نصيب فكرة: (الشهادة الجامعية ليست معياراً لتحديد الكفاءات). 
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص