مليكة فهيم/ المغرب
الشجرة ..
تلك الشجرة ..
الشجرة التي في المركز
الشجرة حارسة الأسرار الأبدية،
تلك التي تسند أركان
السماء والأرض والجحيم ..
كانت كالريح تعوي
قبل ولادة الوقت.
تحمل المعنى، ومعنى المعنى
كصلاة غامضة
في لوح قديم :
(هل صنع موسى الفلك
من ألواحك أيتها الشجرة؟)
حذرة .. أمشي
أعبر الزمن السائل
أتلمس الخلود المرعب،
كيف أجتاز العبور الشاق
في اللحظة المواتية،
وفي منتصف الطريق
يشتد العبور؟
كيف أرى المطلق
بنظرة التيه السَّكرى؟
وأنا أرقص على
حبل البين-بين
أراك تمرين أيتها اللعنة،
أشدك من أجزائك
ليفيض الجحيم تحت يدي،
وأسمع صوت العذاب يئن
يا الله أضئ نورك المباغث
لأقشر كل الحجب
وأنكشف لك.
كيف أخرج من تلك الكوة الشفيفة
كأنني النص النبع،
والوقت الصدأ يحفر أخاديده؟
هل كان علي أن أعزف المزامير
خلف راهب الدير
لكي أرى العتمة
وهي تهطل كأنها
شهرزاد تمدد غزل الكلام؟
هنا، لا أحد يلتفت لصوت العربة
ما من أحلام تنبض هنا،
الحب هنا لا يترك وجعا
الأحلام لا تعوي في ساحة النواح
الموت لا يمشي
على طريق مدجج بالأحصنة.
وحده السكون يمشي بين المجرات
لعل الطين لم يعد طيعا
لعل موج الماء تحجر في الأحداق
لعل الأغنية ضاعت في الطريق
لعل الغراب يغرد اللهيب الأحمر
لعل وحشة المكان
تصغي لوحشة المكان
تنتظر وجع الندى الهش
تحدق في الأحشاء
تومض الابتهالات
لتصبح الجراح آيلة للهطول.
وأنا أتعقب دموع الأسماك في النهر
رأيت الله يعانق أبديته
وينفخ في الصلصال،
رأيت تشي غيفارا يتمتم :
وحدهم الثوار يعزفون
أنين الأنبياء ..
رأيت تماثيل جياكوميتي
بنحافتها الغريبة ..
إيماءاتها ألم سحيق
كضوء عابر
تطلق زغرودة المطلق
تغزل آهات الصدى
وهذا البياض ..
كيف لهذا الفراغ
يحضن هذا الفراغ ..
الفراغ الممتد جدا
الخارج المهجور:
” الوردة التي توبخ العالم”
“غريب” “ألبير كامي”
قصائد “بودلير” و”الحلاج”
المنقوشة على جدار العدم،
تركض وسط الحقول
على صهوة الوجع
وتجهش بالبكاء.
وقبل أن ينطق الطفل ..
” في البدء كانت الكلمة”
ينحت “تاركوفسكي” الزمن
تراتيلا مقدسة
يبحث عن الخلاص ..
يسقي الشجرة..
قطرة ..
قطرة..
لتندلق الأحلام بين الشقوق.
ترى لو لم تكن تلك الشجرة ..
كيف يرى العالم
بؤسه؟
إضافة تعليق