بينما أحلم مستيقظا
بقلم / الغربي عمران
عن دار ضاد للنشر والتوزيع صدرت -رواية "بينما أحلم مستيقظا" للأديب خالد وهيب الشوافي. التي يبدأها بعبارة "إذا كان لديك حلم مهما بدا كبيرا فلتؤمن به.. ستراه في أحلام يقظتك .. ومن ثم ستعيشه على الواقع".
"بينما أحلم مستيقظا" عنوان لافت.. كما هي لوحة الغلاف.. سفينة نخرة لوَّنها الصدى.. تظهر بقاياها على سطح بحر ساكن.. منظر يوحي بالغموض.. والصمت. العتبة الثالثة عبارة لـ"بن فرانكلين" يقول" في حياتك إما أن تكتب شيئا يستحق القراءة .. أو أن تضع شيئاً يستحق الكتابة" ثم إهداء إلى الوطن .. الأب ثم الأم .. الأحلام. هو اهداء تقليدي.. تعودنا أن نقرا مثيله. مقدمة تمنيت لو أن الكاتب اكتفى بالرواية لتقدم نفسها للقارئ. فالمقدمات اشتغال توضيحي والنص الإبداعي لا يحتاج إلى أي شروحات أو تفاسير.. فلكل قارئ قراءته له.
على الصفحة(11) خطاب موجه للكاتب غسان.. مذيل باسم "ستيفان سميث" مسئول لجنة نوبل مؤرخة في 25 مارس 2015 تفيد بقبول روايته بينما أحلم مستيقظاً ضمن الروايات المرشحة لجائزة نوبل مشيدا بمحتواها الإنساني وتقنياتها الفنية!. ثم على صفحة(10) نفس الرسالة باللغة الإنجليزية.
بداية بأحلام وطنية تراود غسان وهو يتذكر تلك الأحداث التي مرت بها اليمن.. والجور والطغيان الذي يتحمله الشعب.. ليمزج الكاتب الواقع بالأحلام في وصف متتابع.. ونسج لحكايات منمنمة بالتفاصيل الصغيرة. تلك الحكايات المأخوذة من وقائع حقيقة.. محلقا بخياله نحو أفاق مدهشة.. ما يولد مسارات مشوقة.
نسيج من الحكايات المتداخلة.. لمجموعة أشخاص.. تجمعهم الظروف القاسية.. فالراوي غسان الشخصية الرئيسة يحكي محطات من حياته.. بداية من طفولة هانئة مرورا بالمراحل الدراسية حتى التحق بجامعة صنعاء.. وأثناء ذلك تندلع ثورة الشعب مطالبة باسقاط النظام 2011. تلك الحكايات لأحداث يعرفها مواطني اليمن.. حول ثورة فبراير.. التي كانت سبب هروب غسان باتجاه أستراليا خوفا من اقتياده بتهمة الخيانة العظماء للوطن.. حسب ما أخبره صديقه وليد.. غسان من تعرض للسجن والتعذيب لمرات نتيجة لكتاباته الصحفية المعارضة.. ومشاركاته في الاعتصامات والمسيرات المطالبة بسقوط النظام.
الكاتب عبر بصدق فني حول إحساس غسان بمعاناة الشعب وما يقع من ظلم وتسلط.. ثم رسم مشاهد نابضة لغضب جماهير الاعتصامات والمسيرات.. كما صور تلك الرحلة البحرية على قارب متهالك لمهجرين لا يعو مخاطر ركوب البحر في رحلة غير شرعية.. ينشدون الحرية.. إلى تحطم ذلك المركب وغرق من فيه عدى الراوي الذي أستطاع على بقايا الواح القارب أن يسبح حتى وصوله إلى جزيرة صغيرة.. ليجد رجل كهل.. وحيد على ضهرها.. وهناك تبدأ الحكايات بينهما. ليعرف بأنه روسي.. نفي إلى تلك الجزيرة الصخرية لرفضه تحضير مبيد بشري ليستخدمه الجيش الأحمر عند الضورة .. بروفيسور "آدم موليدوف" عالم يحكي بأنه من أبنا ميدينة بطرس برج الذي تحولت إلى ليننغراد.. ثم عادت لأسمها.. يسرد حياته مستعرضا خروج الشعب الروسي على القيصر 11905.. ثم الحرب العالمية الأولى 1914 وويلاتها على روسيا.. تلتها الثورة البلشفية 1917 .. ثم إعلان اتحاد الجمهوريات السوفيتية.. أعقبها الحرب العالمية الثانية 1941 .. فالحرب الباردة فانهيار الاتحاد السوفيتي.. مزيج من التاريخ ومحطات من حياته حتى نفيه إلى تلك الجزيرة نتيجة رفضه تركيب مبيد كيماوي كسلاح يستخدمه الجيش الأحمر في مواجهة أي عدوان.
ينتهي وجودهم على تلك الجزيرة بعد أن اهتديا إلى بقايا حطام سفينة اصطدمت بصخور الجزيرة من سنوات وغرقت قريب من سواحلها.. ليصنعا قراب حملهما إلى عرض البحر و بعد أيام انتشلتهم سفينة في طريقها إلى أستراليا.. وهناك أبدع آدم في تحضير مصل ينقذ البشرية .. وفي القوت الذي الف غسان رواية تعالج ما واجهاه في رحلتهما.. لتحقق بعد طباعتها رواج كبير.. وتترجم إلى عدة لغات.. عاد غسان بعد فترة إلى صنعاء .. لكنه صدم حين وجدن والتده وقد فقطت نظرها.. ليحزن ثم نهض من بين أحزانه ليواصل دراسته في جامعة صنعاء.. وأثناءها تكتسح العاصمة مليشيات الحوثي وتنتشر بطول البلاد وعرضها.. لتتوالى على صنعاء غارات جوية من دول الجوار .. تنتهي الرواية بسفر غسان إلى إيطاليا لحضور حفل اصدار النسخة الإيطالية من رواياته.. ثم حضوره لاستلام جائزة نوبل.. في السويد.. ووقوعه في حب روائية كانت تنافسه "اليازبيث مارتن" البريطانية مؤالفة رواية"أين أنت".
أظهر الكاتب قدرة على السرد.. وكذلك الوصف الجميل.. لولا التقريرية التي برزت في ذكرايات آدم حول مجريات الحربين الأولى والثانية .. ثم أحداث الثورة البشفية وحتى سقوط الإتحاد السوفيتي.. أحدث يعرفها معظم القراء.. وكذلك غسان وهو يسرد أحداث ثورة الشباب الذين خرجوا مطاليبن باسقاط النظام.. وما يشفع للكاتب تلك الهنات البسيطة أنها أول رواية.
الرواية تبشر بميلاد روائي.. يمتلك طاقة سردية.. كما أن لديه حب الأدب وتحقيق الذات.. وفوق كل شيء الملكة التي تسكنه ..
إضافة تعليق