عائد خصباك - العراق
لم تحتل أحداث النساء في كتابي " مائة ليلة وليلة " الذي صدر مطلع العام الحالي، الا على زاوية صغيرة وكان عليها أن تكون أكبر، لكنها كانت أحداثا ذات شأن ، مثل ما أوردته عن الراحلة " نعمات البحيري " يوم أمس، اليوم سأحكي عن الفنانة " ميمي شكيب " واليكم ماجرى في الفصل السابع بعنوان " تسريحة شعرها ":
ما اختلفت مع الشاعر عبد الوهاب البياتي الا مرتين ، الأولى ذكرتها سابقا واليوم لكم ما يلي ، قال البياتي :سأجعلك الليلة تأكل الفلافل كما لو لم تأكلها من قبل . كنا في ( باب اللوق ) غير بعيدين عن ميدان التحرير . كان ليل القاهرة يقطر شهدا و الحركة في الشارع على أشدها . دخلنا مطعما و كان صاحبه خواجة يوناني يتكلم المصرية بلكنة كثيرا ما سمعتها من استيفان رستي في الافلام التي مثّل فيها . المطعم صغير، فيه خمس أو ست طاولات مغطاة بمفارش رمّانية اللون ، توزعت فوقها مناديل بأشكال المثلثات ،اللوحات على الحائط تقول ان المكان ما يدخله الا زبائن من نوع معين .
قبل ان تصل الفلافل حفلت طاولتنا بأنواع عدة من السلطات و أشياء أخرى ، واصلنا حديثنا بكل راحة و نحن نأخذ من هذا الصحن أو ذاك .و قبل أن تصل الفلافل أيضا دخل المطعم شخص أخذ البياتي بالأحضان و قبل أن يشاركنا الجلسة قدم لي نفسه : معين بسيسو . يا الله ، قلتها عالية ، أهو أنت ! قرأت له ديوانه ( الاشجار تموت واقفة ) الذي طبعته دار الآداب في نهاية الستينات و كان شاعرا مجوّدا حمل قضيته الفلسطينية أينما حل على ظهره لكن بريقه الاعلامي خفت قليلا بعد ظهور محمود درويش و سميح القاسم و هما يكتبان الشعر من داخل الأرض المحتلة ، اخذنا الحديث قبل أن تصل الفلافل و أخذنا بعد أن وصلت ، في هذه الأثناء دخلت امرأتان الى المطعم ، واحدة منهما أعرفها بل و اعرفها جيدا و جيدا جدا و قد رأيتها في الكثير من أفلام مصرية بالأبيض و الأسود مع سراج منير و انور وجدي ، مع فاتن حمامة و ليلى مراد و غيرهم و غيرهن ، كانت ميمي شكيب بلحمها و شحمها ، و خفق لها قلبي عندما سلمت علينا أولا ثم على معين بسيسو بشكل خاص قائلة : ازيك يا شاعرنا ؟ و دعاها للجلوس معنا فردت : خذوا راحتكم نحن هنا لسنا بعيدين عنكم . و جلستا الى جوارنا . استمر معين في حديثه و أنا ما عدت أركّز جيدا فعين هنا و عين هناك ، أفكر في شعرها ، في أي فلم من أفلامها رأيت هذه التسريحة !؟ يبدو أنها لاحظت مني ذلك فقد اصطادتني و انا أطيل النظر اليها فابتسمت أول مرة لي و في ثاني مرة ضحكت فقمت مباشرة الى طاولتهما فقد اعتبرتها دعوة منها لي و بخجل قلت : أنا لست مثل غيري يا ميمي ممن يعتبرون العينين مفتاحا للروح ، أنا أعتبر يا ميمي لون الشعر و تسريحته و طوله مفتاحا للروح لذلك أنا لطالما فهمتك من الأفلام التي رأيتك و انت تمثلين : " الحل الاخير" و"بيومى افندى" و"نشالة هانم" و"ابن ذوات" و"كلمة الحق". و أفلام مثل : القلب له واحد ،تحيا الستات ، شارع محمد علي ،قلوب دامية ، و غيرها و غيرها ، و قد تألقت بتسريحاتك المتنوعة التي ما ملكتها ممثلة أخرى في السينما المصرية . كنت أتحدث و أنا خجول بين يديها عندما تبين لي أن البياتي و بسيسو ينتظران مني أن أكمل كلامي معها لنغادر، لكني يا حبّة عيني ما أكملت كلامي معها بعد ، فقالت و قد لاحظت عجلتهما في المغادرة : عليك الان يا حبة عيني أن تقرر ، إما تبقى مع الشَعَر ( بفتح الشين و العين ) أو تذهب مع الشِعر ( بكسر الشين ) ، كان الاختيار صعبا ، أعرف غدا مع البياتي سيحصل معي ما لا يحمد عقباه ، لكني تذكرت الشاعر امرأ القيس عندما جاء من أخبره بمقتل أبيه و كان في مجلس أنس و سهر فقال : اليوم خمر و غدا أمر . فاقتديت به مع أني تمنيت أن لا يكون الغد مع البياتي لناظره قريب
إضافة تعليق