حال اليمن يمكن اي شخص يفهمه و لا يحتاج الا مبادرة صادق للحل, فتشير التقديرات في صندوق النقد الدولي و مكتب الامم المتحدة لتنسيق الشؤون الانسانية الى ان الناتج المحلي الاجمالي وصل ٢٦ مليار دولار بتقلص بمقدار ٤٠ في المائة عن ما قبل الحرب, و ان ثلاثة ارباع السكان يحتاجون الى مساعدات انسانية من قبل جائحة كورونا و ان الحرب انتجت لنا "اقتصاد حرب قذر" . و من وجهة نظر المجتمع الحرب انتجت لنا شخصيات انتهازية لا تفكر ان ايجاد الحلول تصعب كلما طالت الحرب و يشبه اندلاع الحريق اي كلما مر الوقت لن تجد شيء مفيد تبني عليه لاسيما مع التراجع الحاصل في نشط الدولة. من وجهة نظر المجتمع نحن نعيش تراجع اقتصادي يعود الى اسباب عسكرية و امنية و ارتهان شبه مطلق للخارج. يرافق ذلك زيادة في الديون و زيادة في التضخم و تراجع في سعر الصرف و انخفاض القوة الشرائية وتوسع طبقات الفقراء. و تشتت الدولة في جهودها في جميع الاتجاهات و السبب انها تهدر وقتها وجهدها في امور فرعية تجعل المشاكل الاساسية تتوسع اكثر لاسيما و قبل ايام اعلنت الامم المتحدة انها لا تستطيع الايفاء بالتزاماتها في اليمن, مما يعني لي ان ما يقرب من نصف السكان سيواجه نقصا حادا في الغذاء منهم ٥ الى ٦ مليون يعيشون اصلا مجاعة.
ولا ننكر انه كان هناك جهود دولية و خارجية لمساعدة اليمن حيث يتواجد في اليمن اكثر من ٢٧٢ منظمة تساهم في الاعمال الانسانية في داخل اليمن و ٣٦ منظمة غير حكومية دولية و٨ وكالات للامم المتحدة لكن اجد ان ذلك لايحل الا مشكلة انية ولا يفتح افق تنمية بسيطة للفقراء يعتمدون على انفسهم لاسيما و الحكومة لا تترك بصمتها هنا وليست متواجدة ولا تمتلك تصور تام لاسيما و الامول المهدرة ليست قليلة من بداية الحرب، و اعطي هنا مثال ان البنك الدولي ساند بحوالي مليار و ٣٠٠ مليون دولار من خلال ٦ عمليات طوارئ بجوار الدعم الدولي و الاقليمي لكن البلد تواصل تدهورها بشكل مستمر مما يجعلنا نسأل عن فعاليات المساعدات لاسيما و معنا ١٣٠ مديرية من ٣٣٠ مديرية تقريبا لم يصلها اي مساعدات دولية او حكومية و ان وصلها مرة او مرتين و لا يشبه ذلك الا نقطة ماء فوق صخرة مشتعلة و بذلك نعيش في حالة ارتفاع معدلات الفقر كنتيجة طبيعية و صارت صورة اليمن مخجلة في العالم حيث يجمع لها تبرعات من بقايا المشتروات او من جهود العامة.
ولا تختفي من امامي الرسائل التي تصلني من المنظمات المختلفة و هي توصف حال اليمن لاسيما و صارت الاسرة اليمنية تعاني الحرمان و نزح الكثير عن مناطقهم بهدف البحث عن بصيص امان و كانت لهم المليشيات و الاحزمة الامنية بالمرصاد فارتفعت المعاناة اكثر مع انعدام الأمن. و اذا نظرنا ان الدولة و الحكومة لا تعمل فذلك غير صحيح, فهناك جهود لكنها غير فعالة بشكل كافي من وجهة نظري لاسيما و كانت الحكومة لديها القدرة على المبادارات بشكل افضل في تخفيف حدة الارتطام و لازال يمكنها ان تعمل الكثير. و لو نظرنا الى محور المرتبات لا امكنها حل ذلك بشكل شفاف برغم تواجد قنابل زمنية معقدة بكثرة التوظيف, و اسر الشهداء, و المعاقين, و البسط على ممتلكات العامة و اراضي الدولة و خلق واقع شاذ سوف تجعل استقرار اليمن حتى لو وصلنا لسلام ليس سهلا دون دعم الخارج بشكل مكثف. الان بيقول شخص, خلينا على كارثة المرتبات و الباقي نناقشه في مرحلة قادمة؟ اين المشكلة هنا؟
اولا منذ سبتمبر ٢٠١٦ تم تجميد صرف حوالي رواتب مليون و ٢٠٠ الف موظف في القطاع العام اي مليون و ٢٠٠ الف اسرة بمتوسط ٦ اشخاص في كل اسرة يعني هنا ٧ مليون و ٢٠٠ الف شخص متضرر و ذلك ادى الى هلاك مدخراتهم, التي هي اصلا تكاد لا تذكر و دفع الجميع الى الاقتراض الشخصي بأمل سوف يصرف الراتب مع المتأخرات, و مع مرور الشهور زاد الأمر سوءا لاسيما مع تراكم الديون و الايجارات و عدم وجود من يقرضهم المال و هذا دفع الكثير منهم الى البحث عن مصدر اخر مما انعكس على تدهور قطاعات الصحة و التعليم و بقية الخدمات, التي كانت اصلا متدهورة. و رغم ذلك كان هناك انفاق هنا و هناك و في ٢٠١٨ أنفقت الحكومة اليمنية ٧٤٥ مليار ريالٍ يمني على الرواتب و الأجور لما يقارب في آخر الأرقام ٣٠٠ الف موظف من باب التقريب و زاد الإنفاق الحكومي على رواتب الخدمات العسكرية و الأمنية بنسبة وصلت إلى ١٥% مقارنة بعام ٢٠١٤ في مناطق الشرعية و في نهاية عام ٢٠١٨ رفعت الحكومة رواتب موظفي الخدمة المدنية بنسبة ٣٠% في وقت البلد ليست لديها موادر ايرادية مع انقسام التحصيل المالي للمؤسسات الايرادية ولا ادري لماذا رفع المرتبات في وقت يعاني الكثير من عدم استلام راتبه في مناطق سلطة صنعاء كل ذلك نجده في التقارير؟.
و حتى لا نفكر فقط بالمشكلة في زمن كورونا و نظل نطلب البقاء في المنازل و غسل الايدي بالماء و الصابون بشكل مستمر علينا ان نفهم ان هناك اسر لا تقدر على هذا البذخ ومن وجهة نظري. هنا يجب على الحكومة و سلطة صنعاء وحتى التحالف العمل على تخفيف المعاناة فليس من المنطق ان من يعيش تحت سلطة احتلال اسرائيل حالهم افضل بعشرات المرات من حالنا. من وجهة نظري انا ليست دولة و اجد ان الدولة تعرف اكثر ارقامها و كشخص افهم ما اطلع عليه اقترح لذلك كما اقترح الكثير:
اولا انطلاق من المسلمة الاولى ان الحكومة اليمنية تمثل الشعب اليمني وهي من نقلت البنك المركزي و تتخاطب مع المجتمع الدولي و تحكم المنافذ فعليها أن تدفع رواتب جميع موظفين الدولة في جميع المحافظات و بشكل منتظم. كون الامكانيات ليست كافية فعليها ان تجعل قطاعي التعليم و الصحة في المقدمة لاسيما و هم يقدمون خدمات للمجتمع لا غنى عنها و يكون الدفع بشكل مستمر اقلها بمعدل ٩٠ في المائة لتحمل اكثر قدر ممكن من جهاز الدولة الاداري و تلغي ال ٣٠ في المائة كون ذلك ليس وقته بمعني نحمل الكل بمعدل ٩٠ في المائة و دون زيادة. يوازي ذلك خصم ٣٠ الى ٤٠ في المائة من مرتبات الفئة رقم واحد و٢ في الدولة لصالح البسطاء و بذلك ترسل رسائل جيدة للمجتمع في الداخل والخارج انها تقاسم المعاناة مع الشعب.
ثانيا و حتى لا يحصل اي اعاقات لصرف الراتب مستقبلا في مناطق سلطة صنعاء على المبعوث الدولي ترتيب لقاء بين البنك المركزي صنعاء و عدن بهدف إعادة تفعيل جميع مهام البنك المركزي بعيد عن الصراع اقلها تنسيق السياسات المالية و النقدية و الايرادات لحماية جميع موظفين الجمهورية مستقبلا . هنا يجب ان تلتزم الحكومة بدفع الراتب و تلغي الزيادة المقدرة ب ٣٠ في المائة و الحوافز في مناطقها يرافق ذلك ان تلغي سلطة صنعاء منع التداول بالعملة الجديدة حتى يتسنى للحكومة دفع مرتبات الغلابة دون انتقاء او تميز كما يجب على سلطة صنعاء دفع جميع العائدات في المناطق الخاضعة لها لحسابات يحددها البنك المركزي اليمني لتتوجه لتعزيز بنود المرتبات و دون لف او دوران.
ثالثا على الحكومة التخطيط لعقد مؤتمر دولي بعد جائحة كورونا تخاطب فيه المانحين الإقليميين و الدوليين على دعم الموازنة العامة للدولة و المشاريع التنموية الضرورية وفق مبادئ الشفافية و التقشف و المساءلة, فمن غير المعقول نخاطب الدول نريد دعم لناكل ونصرف مرتبات و نترك طرح حزمة مشاريع مجتمعية واضحة تنتج وظائف وتجفف معاناة وتعطي انطباع اننا نستطيع ان نقف بعدها, من غير المعقول نخاطب الدول نريد دعم لنصرف مرتبات لنا لاسيما الوزير الالماني او الفرنسي يستلم اقل من ٧ الف دولار صافي بيده بينما وزير دولة فقيرة تستجدي العالم الدعم يستلم ٨ الف او ١٠ الف دولار و يقابل السفراء و بيده ساعة ب ٥ الف دولار.
رابعا على المنظمات الدولية ان لا توزع غذاء فقط و انما تهتم بمشاريع التنمية الريفية مثل نشر و دعم التعليم و بناء الحواجز المائية او تشجيع الزراعة و تعليم المهن وغيرها. و لتحسين فرص انقاذ اليمن اقتصاديا مستقبلا يلتزم الجميع بعدم التوظيف في القطاع العام و لا تعتمد الوظائف بعد ٢٠١٤ الا بعد تدقيق شامل كون ذلك يهدد استقرار الاقتصاد اليمني لعقود. و علينا كمغتربين ان نزيد من التحويلات النقدية المباشرة بهدف انعاش الاقتصاد الوطني. و سوف يساهم اي يمني عندما يجد ان هناك قاعدة صلبة في الدولة تعمل لحل المشاكل فعلا و قولا و تجعل نفسها محل نقد و شفافية.
واخيرا على الحكومة ان تمتلك تصور تام للحلول و ان تمتلك مثالية مطلقة لتكسب الكل معها و لو يطلع رئيس الوزراء او كل وزير يقول لنا كل اسبوع ماذا عمل و ان كان حفر بئر او حتى اصلاح طريق ان ذلك افضل من الهرج. غير ذلك سوف يستمر العك الى ان ترحلوا من الدنيا دون ان تشاهدوا وطن يكبر بكم و تكبرون به.