الكاتب عبد الملك الهندي، كان يتمنى أن يكون طبيبًا يداوي جراح المرضى لكن الظروف وقفت ضده رغم تفوقه العلمي.. تحول إلى أديب يتحسس الآم الناس ويعبر عنها في مايكتبه وما يعده من برامج..
الزميل عز الدين العامري أجرى معه حوار خص به المستقبل أونلاين،وخرج منه بالحصيلة التالية..
اسمي عبدالملك احمد سعيد من مواليد قرية الحجاج بزريقة اليمن التابعة لمديرية المقاطرة بمحافظة لحج، درست الابتدائية بمدرسة اليمن الجديد احدى مدارس البدو الرحل التابعة لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية ما قبل الوحدة كون الزريقة منطقة حدودية بين اليمنين. ثم انتقلت الى المعهد العلمي بتعز بناء على رغبة والدي و أخي الأكبر واكملت فيه دراسة الثانوية قسم وحصلت على اعلى معدل على دفعتي بمعدل ٨٥,٪ عام ٩٢/٩٣م وللاسف لم احظ بمنحة دراسية.
حاولت جاهدا أن اسجل في كلية الطب بصنعاء وتركتها لظروف مادية، انتقلت إلى تعز وبمساعدة احد الاستاذة حصلت على وظيفة في التربة والتعليم وبعدها جمعت بين الدراسة في قسم الاقتصاد بجامعة تعز والعمل في سلك التدريس. تشجيع الموجهين جعلني اتمسك بتدريس اللغة العربية لطلاب الثانوية في المدارس الحكومية والخاصة كما درستها أيضًا في بعض الجامعات الخاصة.
بدأت الكتابة في صحيفة الجمهورية والثقافية باسماء مستعارة بعدها عرف الاستاذ سمير البوسفي بحقيقة الاسم المستعار بعدها بدأت اكتب باسمي مقالات ادبية وقراءات نقدية .
عملت مسؤلا ثقافيا لرابطة الآداب والفنون "طيف" ومشاركا في تفديم الندوات الفكرية والفعاليات .
كيف دخلت الى هذا العالم السحري الذي يسمونة الادب ولماذا فضلت الكتابة الادبية بالذات؟
الكتابة اشبه بمنتزه جميل تعيش مع شوارد اللغة تنتقي منها تراكيبك الخاصة واسلوبك وكأنك تشكل هوية خاصة بك .
في بداية التشكل تبرز امامك خيارات متعددة بين ان تكون شاعرا او كاتبا سرديا . فهربت من قيود الشعر زاهدا في حكمته الى فضاء السرد الطليق وسحر البيان وجماله .
الكتابة السردية تجعلك اشبه بقناص محترف تقود مسار الحروف الى غاية ترمم انسكار قلب حزين او تكسر قلب وغد متعجرف . الكلمات هي ريشة الكاتب المحترف الذي يشكل بنصوصه الابداعية محتوى هادف .
من خلال عملك في اعداد البرامج التلفزيونية هل ساعدك الادب في هذا المجال ام ان اعداد البرامج فن منفصل ولا علاقة له بالابداع والادب؟
بعد تراجع الصحافة الورقية لصالح المواقع الالكترونية في البداية نشطت في اكثر من موقع فكانت اشبه بدرشات عابرة غير مجدية . وانشغال المتلقي بتقنيات وسائل الاتصال الحديثة وبرهجة الفضاء المفتوح للنت وغياب المبدعين وتصدر ثقافة القص واللصق تراجعت عن النشر حفاظا على خصوصية كتاباتي. وذات يوم فبرائري من عام ٢٠١٤م وجدت رسالة من الاستاذ والمذيع المتالق عمار غيلان في قناة يمن شباب يطلب مني الحضور الى مكتب القناة بتعز . لم تكن لدي اي فكرة ولا خبرة عن الصحافة التلفزيونية ولا طريقة الكتابة لها.
طلب مني إعداد برنامج مساء الحرية ثم وضع لي بعض الملاحظات . في الكتابة لنص مصاحب للصورة.
كتبت يومها مقدمة جذابة لأول حلقة متأثرًا بطريقتي الأدبية ممزوجة بتوريات سياسية تناسب موضوع الحلقة.
كان اداء عمار للنص امام الكاميرا هو ما لفت انتباهي واحسست ان الكلمة المقروءة لها سحرها وحيوتها لا سيما بأداء عمار المبدع والمتمكن الذي يبعث في الكلمات روح الحياة.
بعدها استوهتني الكتابة للشاشة واكتسبت الكثير من المعارف حول فن الكتابة الصحفية للتلفاز .
طبعا خلفية الكتابة الادبية ترفد الكاتب للشاشة بالكثير من التمارين لفرد العضلات في مضمار الكتابة للشاشة التي تتزامن مع عرض الصورة فالصورة وحدها نص مكتمل فعلى الكاتب ان يجاريها ولا يسمح لها بالتفوق عليه.
لماذا لم تصدر اي انتاج ادبي لك حتى الان؟
كيف لكاتب ما ان يحصل على كيمياء الكتابة الادبية . وهل تراجعت مكانة الادب والشعر من وجهة نظرك.
لدي الكثير مما يستحق النشر وحدها نصوص عن يومان تعز كتبتها لبرنامج تعز في اسبوع تكفي ان توثق لاحرج فترات الحرب في تعز الى جانب كتابات انطباعية عن ارياف تعز وقرها ومدنها والاماكن الاثرية فيها والكثير من النصوص الادبية. لكن هل ثمة جدوى من نشر كتاب في بيئة لا تقرأ..
وهل مردود النشر يكفي تكاليف النشر؟
نحن في الزحام مع مطالب الحياة مشغولون بتوفير حياة متاحة لا تجبرك على التسول ويبقى النشر محصور باؤلئك الذين لديهم فائض التخمة .
يا صديقي ثمة رغيف فائض عن الحاجة في موائد اللصوص والانتهازيين يرمى للقمامة وهناك الالاف من الجوعى والمشردين بحاجة الى ذلك الرغيف عندما نصل الى معادلة انسانية نستعيد به ذلك الرغيف ونعطيه مستحقيه نكون اسعد من نشر كتاب مطبوع. وبالنسبة للشق الثاني من سؤالك ساذكرك بحادثة ظريفة تجيب عن السؤال.
ذات رصيف كان يمشي عليه كاتب مرموق يبحث عن صديق له كي يشاركه وجبة يشد بها اضلاعه الضامرة من الجوع
بينا هي يمشي داهمته سيارة متخمة ربما لاحد ابنا المسؤولين ودهسته فوقع مغشيا عليه ثم افاق يساله صاحب السيارة هل نذهب الى المشفى فأجاب كاتبنا لا داعي خذني الى اقرب مطعم.
بعد هذه السنوات من الحرب والاقتتال هل اصبح لدينا ماقد يسمى بادب الحرب وماتاثير الحرب على عبدالملك الهندي كأديب وناقد؟
الحرب تترك ظلالها على النتاج الادبي شعرا ونثرا وتلون حياة المبدعين بسوادها القاتم ومن الغباء في فترة حرجة ان تجد شاعرا يتحسس الندى في كف يتيم او يرى الشبه لعيون المها في عيني مشردة نازحة في مخيم او يكتب ناثر عن زرقة السماء يغطيها الغيم وينسى غبار المعارك وكراسي الحرجى والمعوقين من ضحايا الحرب . قرأت الكثير من القصائد الملونة بباروت الأسلحة الخفيفة والثقلية وتلك السرديات المتعددة التي تصف تفاصيل التفاصيل ليوميات الحرب. لدينا ادب الحرب ونبحث عمن يوقفها ليتسنى لنا لملمة ماقيل عن الحرب في كتاب.
ماهو تقيمك للمشهد الشعري والادبي اليمني؟
كما قلت لك فوضى النشر وسيادة ثقافة القص واللصق فقد الشاعر خصوصيته فتجد من ينسب قصيدة هزيلة لامرئ القيس وتغنيها طفلة وتعرض على انها قصيدة جاهلية واخر يكتب قصيدة ثم ينسبها الى البردوني دون خجل والمتلقي في المواقع الالكترونية ليست له الدراية فيسمع اويقرا من يراقب من ولكن. هذا كله لا يمنع ان نقول هناك اصوات شعرية واعدة تسير على خطى المقالح والبردوني وتنحت في الصخر مكانها محليا وعربيا وتقف باقدام شامخة. اليمن ولادة للمبدعين اليوم وغدا.
لمن تقراء للشعراء والكتاب اليمنيين وايهم اقرب الى قلبك؟
البردوني هو الاقرب الى القلب شاعر واقرا كل ما يقع في يدي من الكتب الورقية والنسخ الإلكترونية وتسهويني الكتب الادبية اكثر قبل اشهر وجدت رسالة دكتوراه لكاتبة اردنية من اصل فلسطيني عنوان الرسالة ثلاثية الجسد في روايات أحلام مستغانمي. ولأنني من اشد المعجبين باسلوب الكتابة السردية لاحلام حرصت على الحصول على نسخة الكترونية للكتاب مرخصة فلم أجده فتواصلت مع الكاتبة منى الشرافي تيم صاحبة الرسالة ارسلته ولها كل الشكر فوجدت فيه مهنية الناقد الامين لتعرية اسطورة الكتابة أحلام . مثل هكذا كتب تحتاج الى برنامج تلفزيونية ادبية تحرك المياه الراكدة وتعطي للحياة الادبية حقها في الحياة.
هل لوجود الادباء والشعراء في بعص القنوات الفضائية دور في الارتقاء ببرامجها ام ان الامر يعود لمزاج صاحب القناة او مدير البرامج فيها؟
وجود الادباء في القنوات لا يقدم ولا يؤخر كون صاحب القناة يغرد بعيدا عن الادب والشعر وكونه يفكر في محتوى يجلب له اكبر قدر من المشاهدة .
كونك قريب من الشاشة والعمل في اعداد البرامج كيف يتم اختيار الاعمال القصصية وتحويلها الى دراما؟
تقريبا كتاب الرواية اليمنية مستبعدة جميع نتاجاتهم عن تحوليها الى دراما ليمن شباب تجربة مع رواية الرهينة التي حولوها الى مسلسل واختاروا لها اللغة الفصحى فتحولت اللغة العربية على ألسنة الممثلين الى فصعى قتلوا روح الرواية .
وعلى حد علمي ان صاحب القناه هو المنتج والكاتب وهو الكل في وكما قال عزالدين العامري ناقص يختاروا المشاهدبن .
يحدث بعد كل المواسم الرمضانية تنابز بين صناع الدراما من جهة وبين الكتاب واتهام بعض القنوات بالسطو على افكارهم القصصية والاتكاء عليها في الحبكات الدرامية.
فعلا رمضان موسم الدراما اليمنية ترافق كل مسلسل زوبعة من التنابزات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي.
بخصوص مسلسل غربة البن وليالي الجحملية ثارت العديد من الادعاءات ولم يستطع احد ان يثبت ادعاءة كون الفكرة للمسلسل الأخير للدكتور وسيم القرشي الذي تحدى أي احد يثبت عكس ذلك . ولكن يقع صاحب الفكرة تحت ضغط كاتب السيناريو الذي يأخذ دور البطولة ومساعد المخرج فيعمل على زيادة المشاهد لنفسه على حساب الادوار والبطولات الثانوية طمعا في زيادة المستحقات فيخرج المسلسل ببعض المشاهد السخيفة التي لا داعي لها.
بالعودة الى فحوى السؤال تبقى قناة يمن شباب القناة المبرأة من أي سطو على نتاجات الاخرين في برامجها ومسلسلاتها.
لو لم تكن كاتبًا ماذا كنت تتمنى أن تكون؟
في فترات الشباب الأولى تتزاحم الأحلام وتكثر التمنيات ويقف الحالم بين خيارات تفرضها واقع الحال فيبحث عن افضل الخيارات المتاحة والممكنة . وعندما يكبر تتخلى عنه تلك الاحلام ويتمنى لو يعيش حياة فلاح بسيط في قرية ريفية بعيدا عن ضجيج المدن . لكن ثمة ضربة حظ جميلة ستاتي سيكون لحبايبي فيها نصيب.
لماذا برايك تغيب البرامج الادبية ولثقافية في بعض القنوات؟
لو تتذكر تلك الفترة الذهبية لصحيفة الثقافية والجمهورية وذاك الحراك الثقافي والادبي وكنت امينا في ذكر الفضل لرواد تلك الفترة سيكون الأستاذ سمير اليوسفي رائدها بلا منافس كان الانسان المبدع الذي ادار دفة الحراك الادبي والثقافي بمهنية تألق في تلك الفترة العديد من كتاب القصيدة والقصة والمقالة
وعندما تطورت الصحافة وصار النشر بلا ضوابط افلت نجومية اولئك الكتاب وضاعوا في الزحام.
ونظرا للدعم الهائل الذي تتلقاه القنوات الفضائية كقناة بلقيس وسهيل واليمن اليوم والمهرية وغيرها تجدها تغيب عمدا الانشطة الثقافية والادبية وتغرد وفق رغبة الداعمين.
كيف ترى الوضع في اليمن هل برايك هناك بصيص امل للخروج من هذه الحرب؟
سنخرج من هذه الحرب في فترة قياسية مذهلة اذا ما وجد تيار يوحد الاطياف السياسية تحت مظلة واحدية الانسان والارض كما فعلت الجبهة القومية في الجنوب اليمني بعد ان كان موزعا بين انانية السلاطين واصحاب الدعوات المناطقية .