في حوار مع المستقبل أونلاين

الشاعر الكبير أحمد السلامي : الشعر قراءة للعالم من منظور مختلف

الشاعر والأديب احمد السلامي؛ شاعر متجاوز له اسلوبه الخاص بكتابة الشعر؛ صدر له العديد من الكتب منها حياة بلا باب؛ ارتباكة الغريب؛ دون ان ينتبه بذلك احد؛ وهي ثلاثة دواوين شعرية؛بالإضافة إلى الكتابة الجديدة؛ هوامش على المشهد الابداعي التسعيني؛ وهي مجموعة مقالات؛ وقد التقيناه في ارتباكه كارتباكه الغريب ودون ان ينتبه لذلك أحد وكان لنا معه هذا الحوار

 

 في البداية يأتي السؤال التقليدي من هو الشاعر أحمد السلامي الانسان؟

أنا شخص حالم وأتوقع دائما أن كل من حولي رائعون وأن لديهم من جمال الأرواح ما يجعل الحياة حلوة ومليئة بالمفاجآت السارة، وهذه استراتيجية أعتمد عليها لأجعل الأيام تمر بسلام وبأقل قدر ممكن من المنغصات، لأن العالم لا تنقصه الكراهية ولا الظنون السيئة.

وبهذه الطريقة أحمي نفسي حتى لا أغرق في تفاصيل ما يجري حولي من جنون دمر كل شيء، وأعتقد أنني أنجح في الحفاظ على حالة من السلام الداخلي والابتعاد مسافة كافية من كل الحرائق المصممة بخبث لالتهام الجميع وإشغالهم بمعارك لا نهائية.

• لديك أربعة كتب صدرت لك ثلاثة منها شعر الاول حياة بلاباب والثاني ارتباك الغريب والثالث دون أن ينتبه لذلك أحد والرابع الكتابة الجديدة مقالات.. هل انت راض عن هذه الإصدارات ام أنك ترى نفسك مقل؟

بالطبع لا يوجد رضا عن النفس بالقياس إلى سقف الطموح الذي كان أحدنا يحمله ويخطط له عندما بدأ جيلنا تجربته قبل أكثر من عشرين عاما، وكما تعرف نحن الجيل المنكوب لأننا لم نهنأ في اليمن بسلام واستقرار طويل الأمد، ولم نكتشف الحياة بعيدا عن الأزمات والصراعات التي دمرت تجاربنا وسرقت أجمل سنوات أعمارنا.

كما حرمتنا الظروف العامة والحروب المتكررة في بلادنا من تأسيس علاقة طبيعية مع كل شيء من حولنا، بسبب أولويات الواقع وغياب ما يسميه الآخرون الوطن والبيت والحياة الشخصية الراسخة التي تنمو وتثمر، والكتابة كما تعرف هي نشاط مدلل يتطلب الاستقرار والتراكم المعرفي والبناء على تجارب متوالية.

لذلك أصبح البقاء على قيد الحياة في هذا الوقت إنجاز كبير والبقاء على قيد الإبداع إنجاز أكبر، وما زلت أكتب وأخطط للمزيد من الكتابة ولدي أعمال غير مطبوعة، لكن الظروف خانتنا جميعا وانشغلنا بالبحث عن لقمة العيش والنجاة من دورات الحروب والأزمات.

• في كتابك الكتابة الجديدة وهو مجموعة مقالات كنت من أكثر المتحمسين للكتابة الجديدة؛ لماذا هذا الحماس وما هو مفهومك الخاص للكتابة الجديدة؟

كان الدافع وراء الحماس لطباعة ذلك الكتاب الرغبة في تحريك المشهد واستفزاز من يتجاهلون التجارب المحلية ويعتبرون أن كل كتاب يأتي من خارج اليمن هو عمل عظيم واستثنائي، بينما لا يلتفتون للكتابة التي تنجز في الساحة اليمنية، رغم أهمية ما أنجزته الأسماء التي اقتحمت عالم النص الجديد وقصيدة النثر باقتدار من داخل اليمن، فجمعت تلك المقالات وطبعتها تحت عنوان فضفاض هو "الكتابة الجديدة – هوامش على المشهد الإبداعي التسعيني في اليمن" وهدفت من خلاله إلى تقديم محاولة للاحتفاء بنماذج من الأسماء المحلية التي خرجت على النمط التقليدي في الكتابة الشعرية، وكنت أقصد بالكتابة الجديدة في الشعر عالم قصيدة النثر والإبداع خارج النمط الكلاسيكي المتوارث.

ولقي الكتاب حينها عند صوره صدى لا بأس به وأشار إليه كل من كتبوا بعد ذلك عن قصيدة النثر في اليمن وعن تجربة جيل التسعينيات، رغم أنني لم أكتب عن كل الأسماء لأن الإحاطة الشاملة لم تكن تشغلني، وكان يجب التطرق إلى عالم الكتابة الجديدة في القصة والسرد أيضا، وهذا مشروع آخر جدير بأن ينجزه ناقد مطلع على تطور الكتابة السردية وجديدها في اليمن.

• لديك رواية مخطوطة وديوانان شعريان بالإضافة إلى كتاب مقالات نقدية متفرقة كلها مخطوطة؛ لماذا لم تدفعها إلى النشر هل المعوقات مادية أم مجرد كسل وتقاعس منك فقط؟

أصبحت طباعة كتب الشعر منذ عقدين أو أكثر وهما أو تسلية لا يستفيد منها سوى الناشر الذي يأخذ ثمن تكاليف الطباعة مقدما، ثم لا يوزع الكتاب وإن شارك به في المعارض لا أحد يهتم بكتب الشعر، لذلك ربما تصبح العودة إلى المدونات وإتاحة النسخ الإلكترونية من الأعمال فيها خطوة مناسبة للتخلص من أعباء الطباعة وتحايل الناشرين.

ولا أرى فخرا في طباعة الكتب على نفقة المؤلفين، بل هو أمر مزعج ومكلف ويتسبب في صدور أعمال أغلبها لا تحمل قيمة أدبية، لكن هذا هو الخيار الوحيد أمام من لديه أعمال ويرغب في طباعتها والجميع يفعل ذلك، وأعتقد أن المغامرة مرة أخرى بطباعة عمل جديد تستحق بشرط أن تكون في دار نشر تهتم بالتوزيع، لأن بعض الناشرين يطبعون نسخا قليلة ويرسلونها إلى المؤلف الذي لا يدري ماذا يفعل بها، باستثناء دور النشر التي تتواجد بإصداراتها في معارض الكتاب العربية، وهذا حافز مهم يشجع على خوض التجربة من جديد.

• لماذا توقف موقع عناوين ثقافيه؛ ولماذا لا ينجح في هذه البلاد اي مشروع تقافي محترف ومحترم؟

أي عمل أو مبادرة تبقى خارج الإطار المؤسسي لا تتطور ولا تستمر لأن العمل الفردي لا يتمكن من الصمود وخاصة أن الإبقاء على موقع إنترنت في حالة نشاط يتطلب إمكانيات مالية، وموقع عناوين ثقافية كان مجرد عمل فردي واجتهاد شخصي رغم تعملق محتواه وأثره واتساع مساحة قرائه التي كانت تدهشني، فقد وجدت طلابا وباحثين من جامعات عالمية في أوروبا وروسيا كانوا يعتمدون عليه في أبحاثهم، ولا حظت أن مكتبة الكونغرس الأمريكي قامت بتوثيق بعض أقسامه وصفحاته في أرشيفها الالكتروني، وأشارت إليه مطبوعة ثقافية مشهورة في ألمانيا اسمها "مجلة فن" في سياق تحقيق حول المواقع الثقافية العربية على الإنترنت.

أما لماذا توقف الموقع فسبب ذلك أنه لم يتحول إلى عمل مؤسسي ولم يكن هناك أي دعم أو إعلانات، وكل عمل ثقافي لا يتحول إلى كيان مؤسسي ولا يمتلك مصادر تمويل لا يستمر، ومع ذلك كنت أحافظ على تحديث الموقع بالمواد لسنوات منذ 2006 إلى أن تكاسل أو ربما نسي الصديق الذي كان يستضيف الموقع أن يدفع رسوم تجديد الدومين، وكنا في ذروة أحداث ثورة التغيير في اليمن وما بعدها من أحداث تبدلت معها أوليات واختفت الشركات التي كانت تتولى المسائل الفنية للمواقع، فكان الإهمال مشتركا من جهتي ومن جهة الصديق الذي تكفل بالتواصل مع شركة الاستضافة، وما أزال أحتفظ بنسخة من أرشيف الموقع إلى أن تسمح الظروف بإعادة إطلاقه ولو من باب إتاحة أرشيفه للمتصفحين.

• لماذا الشعر ومن هو الشاعر؟ وماهي الشروط التي يجب أن تتوفر في الشعر ليكون شعرا؟

الشعر أسلوب حياة وطريقة في النظر إلى العالم من حولنا، والشعر أيضا رؤية تنبع من الداخل وقراءة للعالم من منظور مختلف، ويمكن أن يحضر في إعلان تليفزيوني إذا ما دققت النظر، وفي سحابة تتشكل على هيئة كائن خرافي لتترك لدى كل شخص معنى شعري لكن لا يقدر على ترجمته إلى قصيده إلا الشاعر.

فالشعر حياة تنبض من حولنا في كل لحظة، وكل إنسان شاعر بطريقته وفي حدود تأملاته وخيالاته، أما من يجيدون كتابة الشعر فهؤلاء هم أهل الحرفة الذين يتجاوزن تأمل القصائد المنثورة في الحياة من حولهم إلى محاولة تأطيرها او الإمساك بها ووضعها في وعاء شعري من الكلمات والصور، لتصبح كتابة الشعر بهذا المعنى حرفة لها أدواتها ومزاجها اللعين.

وميزة الشعر أيضا أنه من الفنون التي جمعت بين الحرفة التقنية التي تتطلب الإلمام بموهبة وصنعة توظيف اللغة وبين تعويم المعنى ومنحه طاقة من السحر والغموض الذي يجعل الشعر فن اللامنطق والخرافة الجميلة والوهم اللذيذ والمبالغات الكاذبة والخديعة الأنيقة التي يتورط فيها الشاعر بإرادته، ليجعل من نفسه الرسام واللوحة في الآن ذاته، من خلال التماهي مع العالم من حوله والإصغاء بشكل مخيف لكل نبضة وهمسة في الوجود، ومن ثم تأويلها شعريا، بل واختلاقها وإعادة تركيبها في الكتابة الشعرية التي تنسج من الكلمات شعرا يكتب ليقرأ.

وهنا يظهر الفارق بين الشعر الذي كان الأوائل ينشدونه ليسمع وبين القصيدة المكتوبة التي تتسلل وتقترح شعريتها وعالمها وصفاء لغتها بل وتقترح المتلقي لأنها لم تعد قصيدة عمومية، ليس لغموضها، لأنني أعتقد أن القصيدة التي يتهيب البعض قراءاتها ليست غامضة، لكنها فقط لا تشبه ما أدمنوه من سياق غنائي واضح في القصيدة الكلاسيكية.

• عملت في مجله الثقافة التابعة لوزارة الثقافة؛ ما تقييمك لهذه المجلة وماذا أضافت لك؟

أضاف لي العمل في المجلة التعرف على أصدقاء واكتساب خبرة لا بأس بها في إدارة مطبوعة شهرية، وحاولت الاجتهاد في تقديم محتوى مختلف، لكن تقاليد المجلات الحكومية يجعلها تحتكم إلى تبويب ومضمون لا يسمح بالكثير من المغامرة.

أعتقد أن على القطاع الثقافي الحكومي الاكتفاء بدعم المجلات والمشاريع الثقافية المستقلة وستنمو ويكون لها أثر أهم وأكبر في المجتمع، ولست مع المطبوعات الحكومية لأنها تكون مكبلة وغير مرنة وتعجز عن استيعاب غير المألوف على مستوى المضمون من رسم وكتابة وأيضا على مستوى الإخراج وتبويب الأقسام الذي يتصف بنمطية شديدة في كافة المطبوعات الثقافية العربية الممولة حكوميا.

• لماذا برأيك هرب بعض الشعراء من كتابه الشعر الى الرواية؟

لكل فن مساحاته التعبيرية التي يتيحها بشكل مختلف عن غيره من الفنون، انظر مثلا إلى ما يمكن أن تمنحه السينما من حياة وسرد وشعر يمكنك أن تراه على الشاشة، والرواية بدورها تمثل مساحة لقول وكتابة ما لم يعد الشعر يحتمله، وخاصة بعد أن انسحبت القصيدة بالتدريج في الوعي الشعري الحديث إلى مشاغل تعفي الشعر من مهام الشرح والتفسير والرصد التوثيقي الذي كانت تتصف به مراحل شعرية سابقة، بينما تحتمل الرواية الكثير من البوح والاسترسال في التأريخ للتحولات.

كما أن بعض الشعراء وجدوا في كتابة الرواية مدخلا للسعي وراء تحقيق الذات والتموضع في ساحة الأدب من خلال بوابة السرد بعد أن أصبح الشعر إما نخبويا للغاية كما هو الحال لدى من يكتبون القصيدة الجديدة، وإما شعبويا وحاملا لرايات الحروب وتمجيد الموت واستدعاء تقاليد الرثاء والنواح واستدرار تعاطف الجمهور في القصائد الوفية للنمط الكلاسيكي.

• هل أثرت الغربة على الشاعر أحمد السلامي كشاعر ومثقف؟

اختلاف الأمكنة في هذا العصر أصبح أمرا محايدا ولم تعد الغربة تؤثر بالقدر ذاته كما كانت في العقود السابقة، لأن التقنيات الحديثة تتيح لك أن تطوي بلدك وذكرياتك والأغاني التي تحبها في ذاكرة الكترونية صغيرة تحملها في جيبك أينما ذهبت، وبوسعك كذلك التواصل مع الأهل بالصوت والصورة بيسر وسهولة، لكن الغربة المعاصرة تجعلك تفتقد رصيف مدينتك ولهجات الناس المختلفة في الأسواق وطقوس الحياة اليومية كما كنت تمضيها.. هي غربة روحية تبعث الشعور بالأسى حين يكون بلدك على مسافة ساعتين بالطائرة ولا يمكنك المجازفة بالعودة إليه لأسباب كثيرة أبرزها أنك لا تضمن أن تصل إلى أهلك حيا!

وعلى المستوى الشخصي لم أهاجر بالمعنى الجوهري للكلمة، لأن الابتعاد عن اليمن خلال هذه الفترة خيار مؤقت بحثا عن عمل ومصدر للعيش لا أكثر، بمعني أني لم أستوطن وأستقر في البعيد، كما أن الايحاءات الرومانسية التي كان المهجر يولدها في أزمنة سابقة لم تعد بذلك الزخم في هذا العصر. ربما لو كنت ذهبت إلى أوروبا حيث يمكن اكتساب هوية جديدة كان الأمر حينها سيختلف وكنت سأحكي لنفسي عن أنني وقعت بالفعل في مواجهة مباشرة مع تبعات الهجرة والاغتراب.

ورغم أنني لم أعد إلى اليمن منذ العام 2014 إلا أنني أرى بلدي تحت مجهر الروح باستمرار، وأواكب كل ما يحدث وأعود افتراضيا إليه كل يوم من خلال القراءة والكتابة، وعندما أنجزت رواية أولى أتاحت لي كتابتها التجول عن بعد في اليمن إلى حد الشعور بتقلبات فصولها ولهجات أهلها ومواسم أفراحهم وأحزانهم كذلك.

• تقول في قصيده لك بعنوان "سقوط":

الهاوية التي اخترعناها لإسقاط الماضي

بدأت تلتئمُ بفعلِ فاعل

احتشد العالم ليقول لنا

إن الهاوية كانت أكبر من اللازم

وإنها قد تبتلعنا أيضًا

فصدّقنا المخاوف

وتخيّلنا مخيّمات لاجئين محاصرة

تراقبها كلاب حراسة

وعساكر مسلحون بالشتائم

هكذا اختفت الهاوية التي أعددناها للديكتاتور

وبدأنا نسقط منفردين في أكثر من هاوية.

هذا توصيف عميق لحالنا ليس اليمني، ولكن العربي وخاصة بلدان الربيع العربي.. هل كلامي هذا صحيح أم انك نظرت للموضوع من زاوية أخرى أعمق؟

نعم كان في ذهني حين كتبت ذلك المقطع ثورات الربيع العربي بعد سنوات من الانكسارات، فبدلا من إسقاط الديكتاتوريات سقطت الشعوب وتدمرت أحلامها ولو مؤقتا، وبعيدا عن النص او استكمالا لما لم يقله، أرى أن التكالب على الثورات من قوى الداخل والخارج يضاف إلى هشاشة وضعف قوى التغيير، في مقابل جاهزية قوى أخرى عقائدية متعطشة للحكم كانت مستعدة إما لوراثة الأنظمة السابقة والحلول محلها أو لإحياء بديل أسوأ منها! وذلك ما جعل من الثورة في اليمن على سبيل المثال مجرد مناخ جديد لقوة متخلفة، ما أن وجدت الفراغ أمامها حتى قفزت للتموضع فيه، وحدث بعد ذلك أن: "اختفت الهاوية التي أعددناها للديكتاتور/ وبدأنا نسقط منفردين في أكثر من هاوية".

• بما أنك بشرت في كتابك "الكتابة الجديدة" ببعض الاسماء.. إلى أين وصلت تلك التجارب؟

لم أبشر بالأسماء بهذا المعنى، بقدر ما كنت أهتم بشكل الكتابة والفوضى الجميلة التي أحدثتها تلك الأسماء في المشهد من جهة الخروج على القصيدة الكلاسيكية والانحياز لقصيدة النثر. وبالتالي لم أكن أضع نفسي في موقع من يتصدى لمهمة تقديم أسماء وتجارب الآخرين، وخاصة أن بعضهم أكثر خبرة في الكتابة وأسبق مني زمنيا، لكني اتخذت من تجاربهم أمثلة على كتابة شعرية جديدة تستحق الاهتمام النقدي، وأن يكون لها مكان في المنابر والمجلات والصحف والأقسام الثقافية التي كان يسيطر عليها آنذاك طابور تقليدي أو توجه عبثي يتعامل مع النصوص وفقا لتفضيلات وعلاقات شخصية وإهمال متعمد للنصوص التي تحتفي بجماليات مختلفة على صعيد الشكل واللغة والموضوع.

• كلمه أخيره تريد قولها؟

أشتاق لأصدقائي وأتمنى أن كل هذا الخراب مؤقت وأن الغربة عابرة والحرب كابوس سنصحو منه، ولا بد من البقاء على قيد الأمل حتى لا تذبل أرواحنا أكثر.

إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص