رب ضارة نافعة، مثل عربي، وحكمة ربانية غالبًا ما تكون لنصرة المظلومين، من بطش الجبابرة والإرهاب، وهذا ما عاد لأذهاني اليوم مع إخطار وزارة الخارجية الأمريكية الكونجرس الأمريكي بتنصيف المليشيا الحوثية الذراع الإيرانية في اليمن، كجماعة إرهابية، فضلًا عن إدراج أبرز قادتها كعناصر إرهابية دولية خطيرة، وهم عبدالملك الحوثي وعلي أبو الحاكم وعبدالخالق الحوثي.
يعتبر الحوثيين أن ذلك ضارًا لهم، لكنه في الحقيقة قرار ينتظره اليمنيون منذ فترة طويلة، وكل يوم يصحون على أمل أن يجدون مثل هذا الخبر في نشرات الأخبار المحلية أو الدولية، ليتنفسوا الصعداء، ويغمرهم بصيص الأمل بقرب انتهاء الحرب في اليمن، ورفع المعاناة التي يعانيها الشعب بسبب هذه الجماعة والحرب أيضًا التي أرهقت الجميع.
ومع إعلان الخارجية الأمريكية اعتزامها إخطار الكونجرس الأمريكي، بنيتي إدراج جماعة أنصار الله – التي يشار إليها أحيانا باسم الحوثيين – كمنظمة إرهابية أجنبية بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية، وككيان إرهابي دولي مدرج بشكل خاص بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224، يمثل ذلك انتصارًا لليمن، ولفقرائها ومرضاها وشهدائها، ولكافة مختلف شرائح المجتمع اليمني الذين تضرروا من هذه الجماعة الإرهابية.
لهذا القرار تبعات سياسية واقتصادية وعسكرية، لهذه الجماعة الحوثية، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة الأمريكية، وضعت ثقبًا على الأزمة اليمنية، يلوح من خلاله ضوءًا منح اليمنيين أملًا في نهاية ربما قد تكون قريبة للقضاء على هذه المليشيا الإرهابية، وأن يعم السلام في اليمن بعدها.
حديث الخارجية الأمريكية في إخطارها الكونجرس الأمريكي، عن تسمية الحوثيين بكيانهم السياسي والحركي، (أنصار الله التي يشار إليها باسم الحوثيين)، يعني محاصرتها، سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا، ودفنها في الرمال اليمنية، وعدم منح إيران أي فرصة لتصدير هذه التجربة الإرهابية نحو المملكة العربية السعودية بشكل خاص والمنطقة في الجزيرة العربية بشكل عام.
ولهذا القرار تبعات كثيرة على أعضائها ومبعوثيها ومكاتبها في الخارج، من ضمنها المنع من السفر لأعضائها للترويج لأنفسهم بين الدول، وعزلها دوليًا ووقف التعامل وتجميد الأرصدة والملاحقة والمحكمات الدولية لأعضاء الجماعة، فضلا عن ذلك أن كل مشرفيها وعناصرها المسلحة في الداخل اليمني أصبحت مستهدفة من قبل الحكومة اليمنية كونهم جماعات إرهابية خطيرة، وهو ما يعني أنها ستتلاشى، وينفض من حول الجماعة الكثير.
ستصبح أكثر من 1250 شركة التي أنشأها الحوثيين خلال سنوات الحرب، وفقًا لما كشفته منظمة استعادة، تحت الرقابة الدولية مما يجعل شركات قادتها تحت المراقبة، ووقف التعامل معها، وهو ما قد يقطع الطريق أمام تجار الحروب سواء كانوا تجارًا محليين أو تابعين لمنظمات دولية تتاجر بالحرب اليمنية.
ومع تصنيف الحركة الحوثية جماعة إرهابية الذي توقعت هذه الخطوة شخصيًا في وقت مبكر من العام 2020، سيتنفس اليمنيون الصعداء، وهو ما يعني أن اتفاق ستوكهولم لم يعد يعيق القوات المشتركة في الساحل الغربي لتحرير الحديدة، ولم يستطيع الحوثي سرقة المساعدات من أفواه اليمنيين.
والقرار يعني، أنه سيوقف مارتن غريفيث من التحركات الخادعة وضغوطه الدولية لانتزاع شرعية دولية للمليشيا الإرهابية الحوثية، ويتحول من مبعوث حوثي إلى عاطل عن العمل، أو يحاول أن ينقذ الحوثيين خلال الفترة القليلة القادمة بأهمية العودة إلى المرجعيات الثلاث لضمان مستقبل سياسي للمليشيا الحوثية، كأفضل حل من اقتلاعها.
أما على المستوى المحلي، فان تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية سيفقد الجماعة السيطرة الداخلية وتنسيقه مع القبائل بشكل تام، على اعتبار أن من يتعاون من المليشيا الحوثية الإرهابية سيكون تحت المسائلة القانونية المحلية والدولية، أو تحت استهداف طيران التحالف الدولي المحارب للإرهاب، أو الطيران المسير الأمريكي، الذي خصصه لاصطياد القيادات الإرهابية.
اعتبارًا من تاريخ 19 يناير 2021، ستتوقف مسألة الحوار السياسي وتدخل الأمم المتحدة في الشأن الداخلي اليمني، وهو ما يمنح الحكومة اليمنية المسئولية الكاملة في محارب الإرهاب ومموليه وداعميه التي تدعم جماعة الحوثي، و لابد أن نرى من اليوم خططا عملية، لتحرير اليمن واستعادتها إلى محيطها العربي والخليجي، وأن تدرك أنها في مهمة صعبة في نفس الوقت فرصة وصلتها على طبق من ذهب.
وبالرغم أن القرار يعتبر قرارًا أمريكيا بحتًا؛ لكن هناك دولًا لن تعترف بهذا الأمر، وسوف تستمر بالتعامل مع الجماعة الإرهابية ما لم يكن هناك تحركًا من قبل الحكومة اليمنية الذي يعد هذا القرار دفعة قوية لها بأن تبني عليه لمتابعة كل التحركات الحوثية الدولية وإلزام الدول بإغلاق مكاتبها المتواجدة في جنيف، وبروكسل، ولندن، وواشنطن، وبرلين وموسكو، وسلطنة عمان، والتي تستغلها الجماعة للترويج لأنشطتها الفكرية الخبيثة أو ما تسميها مظلوميتها، والإساءة للتحالف العربي ولليمنيين.
الحكومة اليمنية اليوم أمام مسئولية تاريخية، ولابد أن تتحرك سريعًا لإدراج الجماعة الحوثية ضمن قائمة الإرهاب التي تشكل تهديدًا خطيرًا على اليمن وسيادته أرضًا وإنسانًا، أمرًا ملحا في هذا التوقيت، وبلا شك أن القرار يمهد لعملية عسكرية بتحالفات يمنية وعربية ودولية، لإخضاع الجماعة للقبول بالحلول السلمية والتخلي عن أعمال العنف والإرهاب، وإنقاذ اليمنيين من المعاناة الإنسانية والمجاعة التي تسبب بها الحوثيين لهم.
القرار بلا شك سيرعب المليشيا الحوثية، والجماعات المتطرفة الأخرى، وهو ما يعني أننا خلال الفترة القليلة القادمة سنجد أن المليشيا الحوثية تدعو للسلام، حتى ترسل رسائل طمأنينة مغلفة بالغدر والخيانة، كعادتها، ولابد أن يكون الرد الحكومي لها، بمنحها فرصة زمنية مؤقتة لإعادة اليمن لأهله وفقًا للمرجعيات الثلاث وخصوصًا القرارات الأممية المتعلقة في اليمن.
سنرى ردًا حوثيًا، تارة بالتهديد والوعيد لأمريكا، وتارة بالاستنجاد الدولي لإنقاذ نفسه من هذه الورطة التي وضع نفسها بها، ابتداء من اقتحامه صنعاء، وتصفية لخصومها ولشركائه، ومرورًا بعدم تنفيذ اتفاق ستوكهولم ومحاولة التنصل منها، ورفضه السلام، وصولًا إلى العمليات الإرهابية المستمرة التي يرتكبها، سواء في الحديدة أو البيضاء أو تعز أو حجور بحجة أو استهدف مطار عدن، ومحاولة اغتيال السلام في اليمن.
لقد حان اقتلاع الإرهاب وإحلال السلام.. هكذا لابد أن يكون شعار الحكومة اليمنية القادم.