على الرغم من حالة الانتقاد التي سادت المشهد خلال الأيام القليلة الماضية أثناء وصول قيادة الحزب الإشتراكي الى الرياض لمقابلة قيادة الشرعية باعتبارها جاءت متأخرة كما يراها البعض ،مع العلم بأن الاشتراكي واقفاً بصف الشرعية ومسانداً لها ومشاركاً بكافة خطوات استعادتها منذ الوهلة الأولى بجوانبها المختلفة السياسية والميدانية والعسكرية ،
وعودة إلى الجدل الكبير حول موقف الحزب من الأحداث والقضايا الوطنية مع وضوحها وتبيان معرفتها ، رغم ذلك أو تلك الآراء الفردية لشخصيات هنا أو هناك والتي اعتمدت الجحود ونكران الحقيقة بقصد او بدون قصد ، الا ان الملاحظ عامة هو ايجابية وادراك كافة القوى السياسية والاجتماعية التي تعاطت معها بأهمية كبرى ، كونها خطوة لها ما بعدها ولها وزنها فعليا على كافة الأصعدة والمستويات ،
ولعل قيادة الحزب اثبتت جدارة ومقدرة قوية على امتصاص ردات الفعل المختلفة ، والتعاطي مع الأصوات والاعتراضات بنوع من التقبل والمحاججة المنطقية ، من منطلق الوثوق بصحة موقف الحزب من البداية وتعزيز مشاركته ودوره وحضوره الى جانب الشرعية والذي اوضحته قيادته وعبرت عنه مرار وتكرارا بالموقف والفعل .
ولم تنسى قيادة الحزب وهي تعبر عن ذلك ان تقدم رسائل الإشارات ذات الدلالة البالغة عن رصيد الحزب ومواصلة عودته بقوة إلى مشهد الأحداث كأحد أهم اقطاب التوازن ذات الدور المرحلي في اليمن خلال المرحلة القادمة كما هو حاليا ،
والمتتبع الجيد لتلك الإشارات سيدرك ان رسائل الحزب لم ترتكز على الانكفاء على ما يمكن ان يقدمه في الجنوب باعتباره صاحب الحضور والمكانة الأهم بين المكونات الأساسية فيه وعلاقاته بمكونات وقيادات الحراك الجنوبي، بل جاءت رسائله اشمل لما يمكن ان يقدمه على مستوى اليمن الكبير كحزب حاضر في كل مناطق وقرى اليمن ، ناهيك عن الرؤى المتقدمة عن الأخرين فيما يتعلق بالقضايا الوطنية واشكالاتها .
وبحسب المتابعين للخطوات العملية واللقاءات التي يجريها الحزب على المستويات الرسمية والشعبية والشخصية أيضاً يجد ان الحزب يمضي على أسس مدروسة جيدا ومعقولة ، وبمسارات سياسية واجتماعية متزامنة ،
بداية باللقاءات التي تمت مع السلطات الشرعية والأطراف الداعمة لها إلى الاتصالات واللقاءات بالمشائخ والوجاهات الاجتماعية خاصة في مناطق الثقل القبلي في الشمال والتي كان أخرها مشايخ ووجاهات من مأرب والبيضاء والجوف ، وفي الأخيرة دلالة رمزية لحضور قديم يمكن ان يعاود من جديد خاصة في مناطق ما يعرف ببكيل التي كان للحزب في عمقها وبأوساطها حضوراً مهما وكبيرا ، وكذا في المناطق القبلية التي كانت على خطوط التماس في مناطق الحدود الشطرية قبل الوحدة اليمنية والتي كان للحزب حضورا وطنيا فيها متجاوزا لكل ذلك ، وهو ما يمثل تطورا ملفتا لأداء قيادة الحزب المتجددة والحالية ، ويعد بمثابة تجديدا للعلاقة التي تربط الحزب بالقوى الاجتماعية والتي شابها القطيعة والتغيرات بفعل حرب 94م والإجراءات الممنهجة لنظام ما بعد الحرب تجاة الحزب ومقومات نشاطه وحملات التشوية والتفكيك التي اتخذت بحقه رغم انكشاف مدى زيفها بعد انقشاع القشور مؤخراً والتي حاول الأخرون طمر الحقيقة بها في السنوات الماضية ،
يسعى الاشتراكي بما يحمله من قيم وفكر حضاري ورؤية وهم وطني متفوق لإعادة العلاقة مجددا واعادة الاعتبار للقوى والمجتمعات القبلية التي طالتها عملية الاستهداف المشينة هي الأخرى عقودا من الزمن ، ويأتي ذلك باعتبار حضور الحزب في الوسط الاجتماعي القبلي كان مهملا ، وهو ما يبدو ان القيادة الجديدة للحزب ادركت أهمية هذا المستوى الاجتماعي وفهمت خصائصه وبالتالي اندرجت نحو معاودة النشاط فيه ومعه ،
ومما يزيد من امكانية نجاح الحزب في بناء نمط جديد من الحضور مدى حاجة الناس للمفاهيم والمبادئ الوطنية التي كان ينادي بها الحزب وما يزال ، ويعمل في سبيل تحقيقها منفردا والى جانب حلفاؤه المؤمنين بتلك القيم من القوى السياسية الأخرى ، كون اللحظة التي تمر بها البلاد تتطلب مثل هذا الدور باعتبارها السلاح الامضى في وجه الدعوات والمشاريع الإمامية والطائفية والعرقية والجهوية والتي اعاد الانقلابيين احيائها في أوساط المجتمع عبر تجسيدها بشكل يومي بالكثير من الممارسات العملية .
وكما يرى مهتمين فان الحزب ايضا يدرك انه يمضي نحو موقع ريادي قادما ، ولديه من المقومات مما يعزز دوره العملي والفعلي سواء امام السلطة الشرعية ومعها وكذا امام دول التحالف العربي الذي تقوده السعودية والمساند للشرعية ، ولعل مؤشرات ذلك تنبري في حالة التطور التي شهدها ويشهدها الحزب والتحولات المواكبة للمتغيرات وتجاوزه لعقدة الايدلوجيا وما يلحظ عنه من تطور وثبات كحزب مدني اجتماعي ديمقراطي وانتهاء بحالة التقاطع الكبير بالأهداف الاستراتيجية تجاه إيجاد يمن مستقر وأمن ومسالم ،
ولا ننسى ايضا العديد من المواقف التاريخية في ذاكرة وسجل الخليجيين التي يمكن ان تكون مفاتيح هامة في إيجاد علاقة جديدة بينه وبينها ومنها دورة المتميز في حرب الخليج والرافض لاحتلال الكويت حينها وانحيازه المبكر الى جانب أبناء الشعب الكويتي ، وكذا رفضة للوجود الإيراني منذ وقت مبكّر في الخليج ومحيطة ، ومواقفة ووقفته الثابتة من منطلق عروبي إلى جانب دولة الامارات العربية وأحقيتها بشان جزر ابو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى .
ليس بخافي على أحد ما يتمتع به قادة الحزب الاشتراكي بمستوياته المتعددة من ديناميكية متزنة وحنكة قيادية سياسيا ومجتمعيا ، ونجاحة في صناعة وفاعلية التحالفات الوطنية " المشترك نموذجا " ، وكذا الكفاءة التي يشهد بها الغالبية من مكونات ورجالات الأطياف الأخرى على مستوى اليمن وخارجة لكونه يتميز ويضم في صفوفه خيرة العناصر المؤهلة التي يثق بهم ويشهد حتى الخصوم كرجال دولة قل ان تجد نظيرا لهم ، وقد اثبتت التجارب وتثبت صوابية ودقة هذه الميزة من خلال ما ظهر به ممثلوهش من كفاءة ونزاهة واقتدار في كل العمليات التشاركية لقيادة البلاد ومن ابرزها المرحلة التي سبقت انقلاب 94 على الوحدة وشريكها الاساسي ، وكذا المرحلة التي تلت ثورة فبراير وسبقت الانقلاب القائم في سبتمبر 2014 م .