ظاهرة اختطاف الفتيات يفاقم مخاوف الأسر اليمنية

سهير السمان تنامت ظاهرة اختطاف الفتيات في أنحاء عديدة من محافظات الجمهورية اليمنية، وفي مختلف مناطق الصراع القائم، وهي ظاهرة تعددت أسبابها حسب الرصد والبحث لدى العديد من المنظمات الحقوقية العاملة في اليمن، لعل أبرز هذه الأسباب هو تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي الذي تمر به اليمن، وانفلات الأمن في ربوع المحافظات، وتأجج الصراع السياسي. ولعل حالات الاختطاف التي تم رصدها إلى الآن؛ لم تسجل العدد الحقيقي في أوساط الفتيات والنساء؛ وهذا يعود -كما يرى البعض- إلى امتناع الكثير من الأسر عن الإبلاغ عن حالات الاختطاف لأسباب اجتماعية تعود إلى العادات والتقاليد، والخوف من العار. ففي ديسمبر 2019، أعلنت منظمة “رايتس رادار” الحقوقية، أن أكثر من 35 فتاة وطالبة اختطفن من أماكن الدراسة، ومن شوارع العاصمة اليمنية، وقد سجلت عملية اختفاء الطفلة سمية الأسلمي، 13 عاماً، في السادسة والنصف مساءً، بجوار منزلها في حي “هايل” وسط صنعاء، وتبع الحادثة بأيام قليلة، قيام مجهولين باختطاف شقيقتين تبلغ الكبرى 18 عاماً، فيما الصغرى 13 عاماً، في حي الأعناب بصنعاء. كما سجلت وأفادت مصادر محلية في صنعاء، بأنه تم العثور على الطفلة لجين محمد (9 سنوات)، ملقاة بجانب أحد براميل القمامة، وهي على قيد الحياة، بعد أيام قليلة على اختفائها. غير أن حالتها النفسية كانت حرجة للغاية. الاختطافات في عدن أما في مدينة عدن جنوباً، فقد انتشرت ظاهرة اختطاف واختفاء الفتيات، فكانت حادثة اختطاف عبير بدر (25 عاماً)، في شارع التسعين بمديرية المنصورة شمال عدن، وهي ذاهبة إلى مقر عملها في أحد المولات التجارية، في اكتوبر الماضي، مثيرة للرأي العام. وقبل الاختطاف أبلغت عبير شقيقتها، في رسالة عبر هاتفها الجوال، أن ثمة من يطاردها في شارع التسعين، وبمجرد أن حاولت شقيقتها التواصل معها هاتفياً، حتى وجدت أن جوال أختها مغلق، وانقطعت أخبارها منذ ذلك الحين. وتزامنت حادثة الاختطاف تلك مع اختفاء العشرينية ولاء بديع، في الشهر نفسه، في حي القاهرة بمديرية المنصورة. وقالت أسرتها إنها ذهبت لتصوير أوراق، ولم تعد منذ ذلك الحين. وقال مقربون من أسرة ولاء: “بعد تأخر عودة ابنتنا اتصلنا على هاتفها؛ ليرد أشخاص آخرون بدلاً عنها، هددوا بقتل الفتاة”. وفي الـ25 من يناير 2019، اختفت فتاة في مديرية دار سعد شمال عدن، في الـ13 من العمر، تدعى شريفة. وبعد متابعة قضية اختطافها، قال مقربون من عائلتها: “إن 4 فتيات أخريات اختفين خلال فترات متقاربة، في دار سعد وحدها، وبالطريقة نفسها التي اختفت بها شريفة، لكن لم يبلغ أحد عن اختفائهنّ”. والدة شريفة كانت قد تحدثت لوسائل الإعلام عن أن كل من احتجزوا على ذمة قضية اختطاف ابنتها، تم الإفراج عنهم في شرطة دار سعد، وأن هناك وساطات كانت تقف خلف عملية الإفراج. وعدم الإبلاغ يجعل من حوادث الاختطاف التي لا يبلغ عنها، كثيرة وعديدة، وقد تكون أضعاف تلك الحوادث التي يتم التبليغ عنها. وبحسب الإحصائيات الرسمية لحوادث الاختطاف المبلغ عنها في عدن، والتي تم رصدها بعد توقف حرب 2015 في عدن، فإنها جاءت على النحو التالي: – نجاة ياسر محمد، طفلة تبلغ من العمر 8 سنوات، اختطفت في 5 مايو 2016، من مديرية المنصورة. – فاطمة سمير محمد، 26 عاماً، تاريخ الاختطاف 9 يوليو 2017. – فاطمة شكيب، 30 عاماً، اختطفت بتاريخ 31 يوليو 2017، من مديرية دار سعد. – حنان ياسين، اختطفت بتاريخ 25 سبتمبر 2017. – عليا السلال محمد، 18 عاماً، اختطفت من مديرية خور مكسر، بتاريخ 14 مايو 2018. – منار إبراهيم، اختطفت بتاريخ 3 يوليو 2018. – آيات علي سعيد، 16 عاماً، تاريخ الاختطاف 25 أغسطس 2018. – ح. أ. ن. وصي الدين، اختطفت من مديرية صيرة، بتاريخ 14 سبتمبر 2018. – ث. أ. ح. اختطفت من مديرية صيرة عدن، بتاريخ 29 ديسمبر 2018. – عبير بدر، 25 عاماً، اختطفت في 13 أكتوبر 2020، من شارع التسعين بمديرية المنصورة. – ولاء بديع، عشرينية، اختطفت في 16 أكتوبر 2020، من حي القاهرة بمديرية المنصورة. واستدلت “رايتس رادار” في تقريرها بأقوال سكان محليين ذكروا أن هناك عصابات نسوية اختطفت أكثر من 35 فتاة وطالبة، ونقلتهن إلى أماكن مجهولة، فيما أكدت أن عدد النساء المخطوفات والمخفيات قسراً وصل إلى أكثر من 160 امرأة. وطالبت المنظمة كافة المنظمات والمؤسسات المعنية الأخرى بحقوق المرأة والطفل، المحلية والإقليمية والدولية، العاملة داخل اليمن وخارجه، بالتحرك السريع لوقف هذه الجرائم والممارسات، وكسر حاجز الصمت حيالها. يقول نبيل عبدالحفيظ، وكيل وزارة حقوق الإنسان: إن إحدى الفتيات المخطوفات -دون ذكر أسماء لحساسية الوضع- عندما أراد الأهل التحقيق في حادثة اختطافها قام المختطفون باتهامها أنه قد تم القبض عليها في بيت دعارة. وهذا ما يجعل الأسر تتنازل عن حق بناتها في التحقيق ومعرفة الحقيقة خوفاً من العار والسمعة في مجتمع مثل اليمن. أما الجانب الآخر لأسباب الاختطاف، فهو لدوافع اقتصادية واجتماعية، فقد تتعرض بعض الفتيات للاختطاف بغرض مساومة أهاليهن في مبالغ مالية، وقد تهرب الفتاة نفسها بسبب الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة، نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية. إقرأ أيضاً غياب القانون الرادع.. يفاقم ظاهرة الزواج المبكر سجون ومعتقلات سرية داخل فلل سكنية بروز الظاهرة على المستوى الإعلامي في مجتمع يتحفظ في الكشف عن مثل هذه الحوادث، يشير إلى توغلها على نحو يرعب الشارع اليمني الذي بات يتحدث عنها باهتمام وقلق كبيرين. تقول هدى الصراري، رئيسة مؤسسة “دفاع” للحقوق والحريات”، إن “هناك سلسلة اختطافات طالت الفتيات والنساء، لم يسلط عليها الضوء بالشكل الكافي”. وتؤكد الصراري أن اللجنة الوطنية للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان (حكومية)، وغيرها من المنظمات الأخرى، رصدت حالات اعتقالات كشفت عنها الفتيات الضحايا أنفسهن، في إفادات موثقة تؤكد قيام بعض الجهات المتصارعة باختطاف واعتقال نساء وإنشاء سجون ومعتقلات سرية داخل بدرومات (الأدوار السفلية) في فيلات سكنية، بمبرر قضايا شرف أو دعارة، مستغلين تلك القضايا وتطويع القضاء في خدمة أغراضهم لابتزاز ذوي المختطفات ونهب أموالهم لدعم المجهود الحربي. وأشار خبراء الأمم المتحدة، في التقرير الصادر لمجلس الأمن لعام 2020، إلى أن اللجنة كشفت “شبكة تشارك في قمع النساء…بطرق مختلفة، منها استخدام العنف الجنسي”، ويرأس هذه الشبكة أحد مسؤولي جهات الصراع. ويؤكد تقرير فريق الخبراء الدوليين بشأن اليمن، والصادر أواخر سبتمبر من العام الحالي، أن “الاتهامات بارتكاب أفعال الفجور قد استخدمت لتغطية بعض القضايا ذات الدوافع السياسية، فوصمة العار الاجتماعية تجعل النساء المتهمات بمثل هذه الجرائم عرضة للضغوط الاجتماعية والعائلية وللإقصاء”. ونقل التقرير شهادات لفتيات حاولن القيام باحتجاج ضد تدهور الأوضاع الاقتصادية في صنعاء، وكيف تعاملت معهن الجهات الحكومية في صنعاء معهن: يتذكّرن الاعتداء اللفظي الذي مارسته الزينبيات عليهن، حيث استخدمن لغة هجومية وتهديدات بالاغتصاب: “قيل لنا إننا نستحق الموت، وكن يناديننا بالعاهرات، ويهددن بأخذنا إلى الجنود السودانيين كي يغتصبونا”. هذه المادة أعدتها شبكة أصوات السلام النسوية بالشراكة مع تحالف مجموعة التسعة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ضمن حملة 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة.
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص